أرشيفات الوسوم: موريتانيا

الأمن الموريتاني..قمع الطلبة أولًا!

تجمع احتجاجي للطلاب
تجمع احتجاجي للطلاب

الموضوع منشور على موقع ألترا صوت 

لكل نظام أمني أولوياته التي تبرز طبيعته ونمط تفكير واضعي سياساته وموجهي عناصره، وطبعًا للنظام الموريتاني أولوياته التي لا تختلف كثيرًا عن نظرائه في الدول العربية، فيا ترى ما هي تلك الأولويات التي توجه بوصلة النظام الأمني الموريتاني؟

مشهد أول

قبل أيام، بدأ طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا والطب وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، احتجاجات مطالبين بتوفير نقل جامعي محترم، حيث يعاني الطلاب من كون جامعتهم تقع خارج العاصمة بعدة كيلومترات، في منطقة نائية وصحراء مقفرة، والجهة الوصية لم توفر لهم سوى عشرين باصًا مهترئًا وحسب الطلاب، يتعطل كل يوم ستة منها أو سبعة، ولا تكفي لإيصالهم أصلًا، حيث يتكدسون فيها، وهو ما جعل عملية وصولهم للجامعة معركة سيزيفية مؤلمة. طالب الطلاب كذلك بتحسين خدمات المطعم الجامعي، فهم يعتبرون أن خدماته الحالية مهينة للكرامة الإنسانية، وقد نشروا صورًا لطوابيرهم أثناء أوقات الغداء، وهو ما جعل الشبكة العنكبوتية تنتفض، حيث عبر روادها الموريتانيون عن أن تلك المظاهر تبعث على الحنق وتعتبر مذلة لطلبة العلم وللإنسان الموريتاني بشكل عام، وكان احتجاج الطلاب سلميًا وحضاريًا، كل ما سبق من مبررات للاحتجاج لم تقنع النظام الموريتاني، الذي قام بتوجيه قوات الأمن لقمع الطلاب والتنكيل بهم، وإمطارهم بمسيلات الدموع وتوقيفهم واخفائهم في مفوضيات الشرطة.
مشهد ثانٍ
تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ فترة في حالة حادة من ارتفاع معدلات الجريمة في بعض أحيائها، وهو ما جعل بعض المواطنين يخرجون مطالبين بتوفير الأمن لهم والوقوف في وجه الجريمة المنظمة التي تنغص حياتهم، وقد تصاعدت في الأيام الماضية وتيرة الغضب الشعبي من فقدان الأمن، خاصة حين حدثت جريمة قتل لتاجرة موريتانية في السوق المركزي بنواكشوط، وتمت الجريمة في وضح النهار، وحين تم استجواب وزير الداخلية الموريتاني من طرف نواب في البرلمان حول استفحال الجريمة وتدهور الوضع الأمني، رد بأن سبب الانهيار الأمني هو فوضوية المواطن الموريتاني!، ونظر لضرورة توفير المواطن الأمن لنفسه في تهرب واضح وفاضح من مسئولياته، فلا مكان للخجل وحمرته على وجوه المسؤولين الموريتانيين، ويذكر أن النظام الموريتاني دأب على ترويج نفسه أنه صاحب مقاربة أمنية ناجحة لمحاربة الإرهاب الخارجي، لكنه يفشل اليوم بشكل بائن في الأمن الداخلي.

المواطن هو المذنب هو الخطر ومن يستحق التوقيف والكبح، راحته خطر على استقرار الدولة، طموحه وتوقه لخدمات محترمة تهدد الأمن القومي، أما المجرمون فيستحقون اللطف والدعم فهم جزء من المنظومة الأمنية بل من النظام الحاكم، تلك هي نظرة وعقيدة من يسيِّرون البلد، فالأجهزة الأمنية لم يتم تأسيسها لحماية المواطنين من الجريمة المنظمة ولا لبث السكينة بينهم، بل لقمعهم حين يحتجون حتى يرضخوا ويسكتوا على الظلم، وبث النعرات بينهم، هي سوط على رقابهم وتلك هي أولويتها الأولى والأخيرة.

موريتانيا:قصة مدينة منكوبة

كما يقال،المصائب لا تأتي فرادى ،وهذا ماحدث في شهر رمضان لهذه السنة،فأينما وليت وجهي متفقداً وضع الإنسان في البقعة المسيطرة على أكبر اهتمامي ،أجد مصيبة وكارثة،تختلف في القوة و البشاعة لكنها تبقى مصيبة،ففي فلسطين ينكل بالشعب من قبل قوات الإحتلال وفي العراق يطارد المواطن المسيحي من طرف عصابة تعشق القتل والكره،وفي بلدي موريتانيا تحولت الأمطار من بشرى خير إلى كارثة تشرد و تجوع السكان و تدمر المنازل،فبسبب الأمطار تحطم السد الرملي في مدينة أمبود  الواقعة بولاية كوركل  جنوب البلاد،لتتسبب السيول في تدمير 750 منزل،واتلاف بعض المحاصيل الزراعية التي كان السكان قد إدخروها من حصاد العام الماضي للاستعانة بها في غذائهم،مما جعلهم عرضة للجوع.خاصة أن سكان المدينة يعتمدون بشكل أساسي على محاصيلهم الزراعية.

ظلت الكارثة محل تجاهل من قبل وسائل الإعلام المحلية والنظام الموريتاني و حتى منظمات المجتمع المدني ،إلى أن قام النشطاء والمدونون على الشبكة بحملات على مواقع التواصل الإجتماعي من أجل إنقاد المدينة وسكانها. حيث بدأت الصحافة تتحدث عنها على استحياء وقامت بعض المنظمات بالاعلان عن مبادرات للإغاثة و تقديم الاسعافات الأولية لها،مثل الأدوية والخيام والملابس والغذاء و قام النظام بتقديم بعض المساعدات لصالح مائة شخص من المتضررين،لكن المواطنين قالوا إنها لا تنفعهم في الكارثة وأنها مجرد ذر للرماد في العيون وأن توزيعها خضع للحسابات السياسية ،حيث حرم منها من يعرف بمعارضته للنظام.

بدوره،أصدر  المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة  الذي يضم أحزاب المعارضة الموريتانية وبعض النقابات ومنظمات المجتمع المدني بيانا  تضامنيا مع سكان مدينة أمبود ،طالب  فيه النظام بالتدخل لإنقاد سكان المدينة و حمله مسؤولية ما سيحل بهم.

صورة تظهر الدمار نشرها الناشط عبد القادر محمد على فيسبوك
صورة تظهر الدمار نشرها الناشط عبد القادر محمد على فيسبوك

كارثة مدينة أمبود أعمق من مجرد مساعدات إسعافية اَنية،فنسبة المنازل المبنية بالطين في المدينة تصل إلى ٩٠% وسدها مبني بالرمل (للتوضيح: إنهارت أجزاء من السد عام العام 2010 وقد رمم بعدها ) وأي هطول كبير للأمطار سيأتي على ماتبقى منها، فهي تعكس حالة الإهمال الحاصل من طرف الدولة الموريتانية لمواطنيها.

مدينة أمبود تحتاج لأن يبنى لها سد على مقاييس عصرية لا يتدمر بسبب هطول بعض مليمترات  من الأمطار و أن يُساعد سكانها في إعادة إعمار منازلهم بمواد بناء عصرية غير بدائية كما هو حال منازل المدينة الاَن ،ومن الضروري أن تضع الدولة لهم خطط تنموية تساعدهم في تطوير زراعتهم و تدعم وضعهم الإقتصادي الهش و تنتشلهم من حالة الفقر المدقع .

طبعا هذا بالإضافة إلى عملية الإسعاف السريع،لأن المستنقعات قد تجلب للمدينة كثير الأمراض والأوبئة.

لكن حسب الواقع لا  أرى أن الأمر سيتغير فيه شيء و أن النظام الموريتاني سيقوم باللازم،خاصة أن وزير الإعلام الموريتاني قد قلل من شأن الكارثة وقال إن ماحدث تم تهويله فقط!.

وحين ننظر إلى واقع بقية المدن الموريتانية و تعامل النظام مع الكوارث التي تقع فيها ،نجد أن  الأمر غير مشجع، العاصمة نواكشوط مثلا تتحول إلى مستنقع كبير عند هطول الأمطار و ذلك بسبب غياب الصرف الصحي ولم يقم النظام لحد الاَن بأي خطوات حقيقية و مؤثرة لإنشاء صرف صحي لها،ففي العام الماضي تضرر سكانها بشكل كبير من مياه الأمطار والبرك الناتجة عنها والمشهد قد يتكرر هذا العام عند هطول الأمطار في فصلها،لأنه باختصار لم يتغير أي شيء ومازالت العاصمة   تنتابها حالة من الكره الشديد تجاه المطر!.