أرشيفات التصنيف: حريات

الأمن الموريتاني..قمع الطلبة أولًا!

تجمع احتجاجي للطلاب
تجمع احتجاجي للطلاب

الموضوع منشور على موقع ألترا صوت 

لكل نظام أمني أولوياته التي تبرز طبيعته ونمط تفكير واضعي سياساته وموجهي عناصره، وطبعًا للنظام الموريتاني أولوياته التي لا تختلف كثيرًا عن نظرائه في الدول العربية، فيا ترى ما هي تلك الأولويات التي توجه بوصلة النظام الأمني الموريتاني؟

مشهد أول

قبل أيام، بدأ طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا والطب وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، احتجاجات مطالبين بتوفير نقل جامعي محترم، حيث يعاني الطلاب من كون جامعتهم تقع خارج العاصمة بعدة كيلومترات، في منطقة نائية وصحراء مقفرة، والجهة الوصية لم توفر لهم سوى عشرين باصًا مهترئًا وحسب الطلاب، يتعطل كل يوم ستة منها أو سبعة، ولا تكفي لإيصالهم أصلًا، حيث يتكدسون فيها، وهو ما جعل عملية وصولهم للجامعة معركة سيزيفية مؤلمة. طالب الطلاب كذلك بتحسين خدمات المطعم الجامعي، فهم يعتبرون أن خدماته الحالية مهينة للكرامة الإنسانية، وقد نشروا صورًا لطوابيرهم أثناء أوقات الغداء، وهو ما جعل الشبكة العنكبوتية تنتفض، حيث عبر روادها الموريتانيون عن أن تلك المظاهر تبعث على الحنق وتعتبر مذلة لطلبة العلم وللإنسان الموريتاني بشكل عام، وكان احتجاج الطلاب سلميًا وحضاريًا، كل ما سبق من مبررات للاحتجاج لم تقنع النظام الموريتاني، الذي قام بتوجيه قوات الأمن لقمع الطلاب والتنكيل بهم، وإمطارهم بمسيلات الدموع وتوقيفهم واخفائهم في مفوضيات الشرطة.
مشهد ثانٍ
تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ فترة في حالة حادة من ارتفاع معدلات الجريمة في بعض أحيائها، وهو ما جعل بعض المواطنين يخرجون مطالبين بتوفير الأمن لهم والوقوف في وجه الجريمة المنظمة التي تنغص حياتهم، وقد تصاعدت في الأيام الماضية وتيرة الغضب الشعبي من فقدان الأمن، خاصة حين حدثت جريمة قتل لتاجرة موريتانية في السوق المركزي بنواكشوط، وتمت الجريمة في وضح النهار، وحين تم استجواب وزير الداخلية الموريتاني من طرف نواب في البرلمان حول استفحال الجريمة وتدهور الوضع الأمني، رد بأن سبب الانهيار الأمني هو فوضوية المواطن الموريتاني!، ونظر لضرورة توفير المواطن الأمن لنفسه في تهرب واضح وفاضح من مسئولياته، فلا مكان للخجل وحمرته على وجوه المسؤولين الموريتانيين، ويذكر أن النظام الموريتاني دأب على ترويج نفسه أنه صاحب مقاربة أمنية ناجحة لمحاربة الإرهاب الخارجي، لكنه يفشل اليوم بشكل بائن في الأمن الداخلي.

المواطن هو المذنب هو الخطر ومن يستحق التوقيف والكبح، راحته خطر على استقرار الدولة، طموحه وتوقه لخدمات محترمة تهدد الأمن القومي، أما المجرمون فيستحقون اللطف والدعم فهم جزء من المنظومة الأمنية بل من النظام الحاكم، تلك هي نظرة وعقيدة من يسيِّرون البلد، فالأجهزة الأمنية لم يتم تأسيسها لحماية المواطنين من الجريمة المنظمة ولا لبث السكينة بينهم، بل لقمعهم حين يحتجون حتى يرضخوا ويسكتوا على الظلم، وبث النعرات بينهم، هي سوط على رقابهم وتلك هي أولويتها الأولى والأخيرة.

تعذيب بمناسبة اليوم الدولى لمساندة ضحايا التعذيب

التعذيب (1)

 

 

استقيظت اليوم على الفيديو المفزع الذي نشر موقع تقدمي، حيث يقدم قصة تعرض قاصرين للتعذيب في مفوضية الشرطة رقم 2 بمقاطعة عرفات، فيظهر هذا الفيديو اَثار التعذيب على أحدهم، وحسب تقدمي، فإن الشرطة  ألقت القبض عليهما  وسجنتهما لمدة يومين واتخذهم  نماذج للتدريب على التعذيب، وكذلك، قامت بمنعهما  من تناول إفطارهما الذي جلبته لهما أسرتيهما.

 

طبعا لم أتفاجأ بالقصة ولا بالفيديو وذلك بسبب زيارتي لمفوضيات الشرطة كموقوف في احتجاج، حيث كنت ألاحظ تعامل الأمن الهمجي مع الموقوفين، وكذلك، كنت شاهدًا ذات ليلة على تعدي أحد عناصر الشرطة على شاب كان موقوفا في مفوضية تفرغ زينة  بسبب حظر التجول، وكانت منظمة العفو الدولية قد تحدثت في تقرير أصدرته مؤخرًا عن استشراء التعذيب في السجون الموريتانية، حيثجاء فيه:

واجه السجناء من كافة الأعمار، ذكورا ً وإناثا، وبصرف النظر عن مكانتهم خطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. حيث أبلغ نساء وأطفال وسجناء مثليون وسجناء سياسيون، وسجناء مدانون بجرم وفق القانون العرفي، منظمة العفو الدولية بأنهم قد تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات األمن. وعلى الرغم من أن التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة تستخدم أساسا النتزاع “لإعترافات” من المعتقلين فقد جرى استخدامها أيضا كأداة عقابية داخل السجون. ومما هيأ المناخ الستخدام التعذيب وجود بعض القوانين التي تسمح باحتجاز المعتقلين في حجز الشرطة لمدة ال تزيد عن 45 ً يوما في حال الاشتباه في ارتكابهم جريمة مخلة بالأمن الوطني، إلا أن هذا الحد الأقصى كان يتم تجاوزه على نحو منتظم. ولم يتم اتخاذ أي إجراءات حيال الشكاوى المقدمة بخصوص التعذيب إلى القضاء أو الشرطة. وتضمنت أساليب التعذيب المبلغ عنها الضرب بصورة منتظمة، بما في ذلك الضرب بالعصي والضرب على الظهر مع تقييد اليدين والقدمين خلف الظهر، والإجبار على اتخاذ وضع القرفصاء لمدد  طويلة، ووضع قضيب حديدي بين الركبتين والتعليق بين برميلين للمياه. كما ذكر بعض المعتقلين أنهم أجبروا على توقيع أقوال تحت التهديد دون السماح لهم بقراءتها .

 

ظهور فيديو التعذيب الجديد قبل ثلاثة أيام في من اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، يعد نوعا  من التنبيه لنشطاء حقوق الانسان والمهتمين عموما بالتعذيب بأن يتعاملوا  بشكل أكثر احترافية وجدية مع هذا الملف حتى يسهموا في وضع حد لهذه المعضلة المقلقة ويقفوا ضد انتهاك أجساد المواطنين. فقضايا إهانة المواطنين وتعذيبهم في السجون والتعدي عليهم في مفوضيات الشرطة تتطلب المزيد من البذل والعطاء ومن المفروض أن تكون قضايا رأي عام، فهل تكون قضية القاصرين هي البداية؟.

حول مدرسة حوكمة الإنترنت في تونس

20150526_100540
من المدرسة

 

كانت الفترة ما بين الخامس والعشرين والتاسع والعشرين من شهر إبريل 2015، مثمرة وغنية جدا بالنسبة لي، حيث غصت في بحر حوكمة الإنترنت، وذلك أثناء مشاركتي في مدرسة حكومة الإنترنت لدول الشرق الأوسط والدول المجاورة، التي عقدت في تونس والمنظمة من طرف الأيكان وجمعية تونس للإنترنت.

من ما تناولنا..

كانت الحوكمة بالنسبة لي هي سياسات الإنترنت وقوانينها وحرية التعبير وحقوق الانسان فيها، أو على الأقل هذا هو الجانب الذي يسيطر على اهتمامي، وقد أبحرت من خلال مدرسة الحوكمة في جانب اَخر من الحوكمة، وهو الجانب التقني، مثلا تعرفت بشكل أكبر على منظومة أسماء نطاقات الإنترنت، نطاقات المستوى الأعلى لرموز الدول (CCTLD)و نطاقات المستوى الأعلى العامة (GTLDS) ونطاقات المستوى الأعلى الدولية(IDNS)، حيث قدم لنا الأستاذ فهد بطاينة من الإيكان، عرضا حول هذا العالم، وتطوراته، ويسعدنى أن أقاسمكم  الرابط التالي، فبه مقالة وافرة وشارحة لهذا العالم.

تعرفت كذلك بشكل أعمق على ميثاق(بروتوكول) الإنترنت الإصدار السّادس IPV6، حيث حضر بدوره بقوة في المدرسة، و IPV6 هو تطوير لميثاق الإنترنت الإصدار الرّابع IP. .
حضرت أيضا إنترنت الأشياء في جلسات المدرسة، حيث تضمنت جلسات المدرسة جلسة حول إنترنت الأشياء، وإنترنت الأشياء هي:

” مجموعة من الأجهزة الرقمية الذكية المتصلة فيما بينها عبر احد البروتوكولات المعروفة مثل: الواي فاي، البلوتوث… تُرسِل وتستقبل المعلومات فيما بينها، دون اعتماد على البشر في أمدادها بهذه المعلومات بل الحصول عليها من الوسط الخارجي عبر الحواس الاصطناعية أو ما يعرف بـ المستشعرات الرقمية. انترنت الأشياء مصطلح تقنى انتشر في العالم الرقمي وكذا العالم المادي، وكان أول ظهور لهذا المصطلح في بدايات القرن الواحد والعشرين بالتحديد في سنة 1999م، على يد العالم البريطاني كيفن أشتون الذي كانت فكرته ان يتم ربط بعض الأجهزة الرقمية التي توجد حولنا كـ الأدوات الكهرو منزلية بطريقة تسمح لنا بمعرفة حالاتها ومعلوماتها الدقيقة دون الحاجة الى أن نكون بالقرب منها”.

وحسب الاتحاد الدولي للاتصالات فإن إنترنت الأشياء:

“بنية تحتية عالمية لمجتمع المعلومات تُمكن من تقديم الخدمات المتقدمة عن طريق الربط (المادي والفعلي) بين الأشياء، استناداً إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية والمتطورة القابلة للتشغيل البيني.” .

أمور أخرى..
ناقشنا في المدرسة أيضا مواضيع أخرى، مثل الحقوق الرقمية، حيث سير محمد نجم من لبنان ورشة حول هذا الموضوع، وكذلك تمت مناقشة قانون الجرائم الإلكترونية  في مصر، الذي عرضه مجلس الوزراء على  عبدالفتاح السيسي. حيث حاول المشاركون في المدرسة تقديم مقترحات لتحسين بعض مواده، وكذلك، حضر نقاش كيفية التعامل مع الجماعات الإرهابية على الإنترنت، وإشكالية حجب المحتوى وحيادية الشبكة، وأيضا، كان من ضمن محاور المدرسة عرضا حول تاريخ شبكة الإنترنت، حيث قدم لنا الأستاذ فاروق كمون من تونس، عرضا تاريخيا لهذه الشبكة، ومن الطرافة أن أول رسالة على الإنترنت هي:” lo”َ!. وهنا رابط مباشر للمادة التعلمية للمدرسة.

 

على الهامش
القضايا التقنية التي تضمنت المدرسة، جعلتني أتذكر معضلتنا الأزلية وهي ضعف المحتوى العربي على الإنترنت، خاصة في جانبه العلمي والتقني، وهو ما جعلني أطلب من المشاركين التقنيين أن يحاولوا العمل من جهتهم على إثراء المحتوى العربي على الإنترنت في مجال الحوكمة، وأكرر هذا الطلب لكل مهتم قد يصادف هذه التدوينة.
في الختام، أبعث أغزر التحايا لكل من حضر مدرسة حوكمة الإنترنت ولكل من قابلت في تونس الاستثناء، دمتم.

تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: التعبير عن الرأي عبر الإنترنت كسر صورة الحكام كأنصاف آلهة

Main_Internet-Freedom-of-Speech

أعداد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي تضاعفت ثلاث مرات خلال الأعوام السبعة الماضية. حالات كثيرة تعرض أصحابها للسجن والمضايقة بسبب آراء عبّروا عنها عبر الإنترنت. وهناك صراع حاد بين مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وحكوماتهم. هذه بعض الخلاصات التي توصّل إليها تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

وكانت الشبكة قد أطلقت، يوم الإثنين 4 مايو 2015، بالتعاون مع مؤسسة مهارات، التقرير الخامس حول حرية الإنترنت في العالم العربي، بعنوان: “لف_وارجع_تاني”. وتضمّن التقرير المكون من 93 صفحة، إحصاءات متعلقة بأعداد مستخدمي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في البلدان العربية، بالإضافة إلى تقديم صورة بانورامية للواقع الحقوقي في هذه الدول.

وتناول التقرير حرية استخدام الإنترنت في العالم العربي، ومؤشر الحريات، وقدم لوائح وقصصاً للمعتقلين وخريطة للقوانين العربية المتعلقة بالإنترنت. وتزامن إصدار الشبكة للتقرير مع إطلاق حملة بعنوان #حريتهم_حقهم، بالاشتراك مع مؤسسة “مهارات” و”إيفكس”. وتهدف الحملة التي أعلنت من العاصمة اللبنانية بيروت، لمناسبة اليوم العالمي للصحافة، إلى التضامن مع سجناء الرأي في العالم العربي والتعريف بقضاياهم. وقد أعدت الحملة قائمة بـ350 سجين رأي، وشارك فيها من خلال التغريد على هاشتاغ #حريتهم_حقهم ناشطون كثر.

إحصاءات حول استخدام الإنترنت في العالم العربي

تضمن التقرير العديد من الإحصاءات المتعلقة بالإنترنت في العالم العربي ورصد تطور استخدامها. وجاء فيه أن أعداد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي تضاعفت ثلاث مرات خلال الأعوام السبعة الماضية، وبعد أن كان عددهم 52 مليوناً سنة 2009 وصل إلى 157 مليوناً في السنة الجارية. كذلك تضاعف عدد مستخدمي فيسبوك ست مرات في الفترة نفسها، من 12 مليوناً سنة 2009 إلى 78 مليوناً اليوم.

وقدّم التقرير خريطة بالمستخدمين حسب كل بلد، وكل وسيط من وسائط الإنترنت. من حيث العدد، وبدون احتساب نسبة المستخدمين إلى عدد السكان، تربعت مصر على رأس الخريطة مع 48 مليون مستخدم للإنترنت و24 مليوناً لفايسبوك و4 ملايين لتويتر. ثم أتى المغرب مع 20,5 مليوناً للإنترنت و8 ملايين لفايسبوك و100 ألف لتوتير. وتلتهما السعودية مع 19,6 مليوناً للإنترنت و8,5 ملايين لفايسبوك و7 ملايين لتويتر.

Table_Internet-Freedom-of-Speech

 

قصص من العالم العربي

ورصد التقرير مجموعة حالات تعرض أصحابها للسجن والمضايقة بسبب آراء عبروا عنها عبر الإنترنت، وأورد نموذجاً واحداً من كل بلد. ومن القضايا التي ذكرها، قضية زكي بني أرشيد، الذي قضت محكمة أمن الدولة الأردنية بسجنه سنة ونصف السنة بتهمة “تعكير العلاقات مع دول شقيقة”، وذلك على خلفية مقال كتبه ونشره على الإنترنت وانتقد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بعد تصنيفها الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وقضية الحكم على المدون البحريني علي المعراج بالسجن عامين ونصف العام بسبب انتقاده للحكومة البحرينية على مدونته “لؤلؤة أوال”.

ولم تغب قضية الناشطين السعوديين عن التقرير، فذكر حالات وليد أبو الخير ورائف بدوي وفوزان الحربي وسعاد الشمري ومحمد العنزي. وقدم التقرير أيضاً قائمة بالمتهمين بالإساءة للذات الأميرية في الكويت، ذاكراً أن عدد القضايا المتعلقة بهذه التهمة بلغت 160 خلال عامي 2013 و2014 وأغلبها متعلق بتغريدات على موقع تويتر.

ومن تونس، ذكر التقرير قضايا عدة مثل قضية المدون التونسي ياسين العياري الذي حكم عليه بالسجن ستة أشهر لانتقاده مسؤولين عسكريين. وتطرق التقرير إلى قضية الشاعر القطري محمد الذيب الذي حكم عليه عام 2013 بالسجن خمسة عشر عاماً بعد أن كان قد حكم عليه عام 2012 بالسجن المؤبد. وتطرق كذلك إلى سجن بعض المدونين اللبنانيين بتهم القدح والذم مثل قضية جان عاصي الذي اتهم بالإساءة إلى رئيس الجمهورية.

للمزيد: “التعبير عن الرأي على الإنترنت مخاطرة

وذكر التقرير قضية اعتقال أحد مؤسسي شبكة رصد في نوفمبر 2013 وهو الصحافي عمرو سلامة القزاز الذي استُجوب وصودر كمبيوتره وهاتفه الجوّال وبعض المستندات التي كانت بحوزته وأحيل وبعض زملائه في الشبكة إلى النيابة العسكرية المصرية التي اتهمتهم مع اَخرين بإذاعة ونشر سر من أسرار الدفاع عن البلاد على شبكة الإنترنت، وذلك على خلفية نشرهم تصريحات للمشير عبد الفتاح السيسي عندما كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ومرشحاً محتملاً للرئاسة.

الحجب والرقابة

وحوى التقرير أيضاً بعض الممارسات الرقابية التي يتضرر منها المواطنون العرب على الإنترنت، وأكّد أن مزودي الخدمة في لبنان يراقبون مستخدمي الإنترنت. وكذلك تطرق إلى حجب 17 موقعاً في لبنان بدون قانون ينظم أو يفرض ذلك، وقد حدث الحجب عام 2013. كما تحدث عن “كراسة شروط” أعدتها وزارة الداخلية المصرية تهدف إلى مراقبة مستخدمي شبكة الإنترنت.

وبحسب التقرير، حجبت الحكومة السودانية، عام 2012، ثلاثة مواقع إخبارية، هي “الراكوبة” و”حريات” و”سودانيز أونلاين”. وانتقد قانوناً متعلقاً بالإرهاب أصدرته السلطات السعودية العام الماضي ويجرّم جميع أنواع التكفير ويعتبرها إرهاباً.

وأوضح التقرير مدى الصراع بين مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وحكوماتهم والتضحيات التي يبذلونها من أجل إسماع أصواتهم. وفي حديث لرصيف22، قال المدير التنفيذي لـ”الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” جمال عيد: “التقرير هو الخامس للشبكة العربية حول حرية استخدام الإنترنت ونصدره مرة كل عامين. إلا أن أهميته تأتي من تزامن إصداره مع نجاح الثورات المضادة في العالم العربي، في جولة من الصراع ضد المطالبين بالديمقراطية”.

وأضاف عيد أن التقرير يوضح كيف نما عدد مستخدمي الإنترنت بشكل هائل، لا سيما مستخدمي شبكتي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، واستخدام الشبكة العنكبوتية كأداة خارج سيطرة الحكومات. وهو يوضح أنه في مقابل كل سجين رأي جديد، لا سيما على الإنترنت، هناك منتقدون ومدافعون عن حرية التعبير يظهرون، وسط الشباب العربي الذي لم يكتفِ بالمشاهدة، بل صار يصنع الحدث والخبر ويتفاعل معه، بل يكسر الصورة النمطية للحكام العرب كأنصاف آلهة وأنصاف طغاة، عبر السخرية والنقد، وأحياناً عبر التحدي”.

وختم عيد: “رغم أن الصورة تبدو لأول وهلة قاتمة وسوداوية، فإن المتابع بدقة للوضع العام في العالم العربي، سيكتشف أن القمع الشديد يعني وجود مقاومة شديدة، وأن الشباب العربي اكتسب وعياً ومعرفة وتمسكاً بحقوقه، لا سيما حرية التعبير على الإنترنت، وهذا يعني أن الصراع من أجل حكومات ديمقراطية لم ينتهِ بعد”.

نشر الموضوع على موقع رصيف22 بتاريح 05.05.2015

نقاش مع البروفسور عبد الودود ولد الشيخ

البرفسور والشباب
البرفسور والشباب

التلوث ينخر عقولنا وأجسادنا، فعوادم السيارات ودخانها والأوساخ بأنواعها وأشكالها تغزو عالمنا الموريتاني الصغير، وخطابات الجنرال المسمومة الباعثة على البلاهة والإحباط، تطارد مسامعنا بغية خنقنا، وحين نجد فرصة لتنظيف أنفسنا من درن هذا الواقع الموغل في وحل الرداءة ، يكون تفويتها بمثابة السير نحو أفق الانتحار، لذلك لم أستطع تفويت حضور الدكتور عبد الودود ولد الشيخ،عالم الاجتماع الموريتاني، للقهوة التونسية بنواكشوط وسعيه لنقاش بعض الشباب الحالم بغد أفضل، وطبعا لم أستطع ترك الفرصة تفوت من دون تسجيل قبسات من كلامه.
اَتانا الرجل في زي وإطلالة توحي بالتواضع الباهر، غير متكلف ولا متشجنع على غير عادة”نخبتنا”الجميلة المصابة بجنون العظمة(لا أعرف ماذا غرها رغم أن اسهامها في تطوير العقل البشري شبه معدوم، بل معدوم؟!)، وقد تميز خطابه بهضم واضح للذات وخصلة أخرى تندر في شعبنا”العظيم”، وهي، حضور” لا أعلم” و”لا أعرف” و”النسبية” وقلة الوثوقية.
بدأ النقاش بشكل عفوى واستمر على نفس النهج الجميل، سألته عن وجهة نظره في تصاعد التشدد في بلدنا، رغم أن فترة السبعينيات وحتى ما قبلها حسب ما حكي لي كانت تشهد انفتاحا، مثلا، كانت العائلات تذهب للسينما وكان هناك نقد ساخر يقدمه همام لو قام به أحد اليوم لاتهم بأشنع التهم، واليوم نعيش في ظل حالة من التردي فكلما تكلما أحد أو قام بعمل فني قامت الصرخات المتشنجة وبدأت المطالبة بوضع حد له، وقد عزى ذلك إلى هجرة أهل الريف إلى المدينة واكتظاظها، والضغط الذي حدث على المدارس وعدم وجود استراتيجية للتعليم تستوعب الجميع، وضعف مناهج التعليم، وحضر أيضا فيلم تمبكتو للمخرج عبد الرحمن سيساغو في النقاش، حيث قال أن النقاد الغربيين اعتبروا أنه قدم”الجهاديين” في ثوب انساني، واستغرب الحملة التي شنت عليه، وشمل النقاش عدة جوانب، مثل الجيش والقبيلة والطبقات المهمشة وحراكها.
فقد تحدث عن كتابه القبيلة والدولة في افريقيا، حيث قدم عرضا مختصرا للكتاب الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات ضمن سلسلة أوراق الجزيرة، وتحدث عن نظرة التطوريين بزعامة مورغان للقبيلة بالاضافة لرؤية للماركسيين، والتي تقول أن القبيلة نظام سابق للدولة، وتحدث عن إشارته إلى بن خلدون في الموضوع، و قال أنه تحدث كذلك في كتابه عن المدرسة الوظيفية التي تعتبر القبيلة مناقضة لنظام الدولة، وأكد على أن أهم مافي الكتاب هو أنه ببليوغرافيا لأهم المذاهب والمفكرين الذي اهتموا بالموضوع، وكان أغلبهم أجنبيا، وتحدث كذلك، وقال أنه قدم مفهوم الدولة انطلاقا من نظرية ماكس فيبير، التي تقول أن: “الدولة كيان سياسي يستطيع أن يتحكم في الاستخدام المشروع للعنف في إطار جغرافي معين على مجموعة معينة من الأفراد”.
تحدث البروفسير عبد الودود عن الإمارات التي كانت تسيطير على الفضاء الموريتاني قبل ميلاد الدولة الحديثة، حيث وصفها بالدولة الجنينية، أي نواة للدولة، وتحدث عن وجود سلطات: تنفيذية وقضائية في تلك الإمارات رغم أن ذلك لم يخرج عن نطاق العصبية القبلية. وقد قال أن البعض ذهب إلى تشبيه تشرذم القبائل بتشرذم التروتسكيين، وأكد على أن هناك من يقول على أن القبائل لا تقوم من دون الحروب والصراعات، فقد وجدت لذلك الغرض، وأكد البروفسور على أنه ينبغي تحطيم البنى المعارضة للدولة حتى نتحدث عن قيام دولة حقيقية.
حوار البروفسور الشيق، وصل أيضا إلى ظاهرة المطالب الفئوية، خاصة فئة الحراطين ولمعلمين واعتبر أنه أمر طبيعي وناتج عن تفكك البنى التقليدية في المجتمع وكذلك لولوج أبناء هذه الطبقات المهمشة إلى التعليم وانتشار الانترنت،وكان البروفسور، تحدث في بداية كلامه عن الخطاب الذي يصدر من حركة انبعاث الحكة الانعتقاية( إيرا) ووصفه بالطبيعي في معركة استعادة الحقوق والديمغاوجية التي تطبعه مطلوبة وتكتيك معروف حتى ولو تميزت ببعض التهويل والكذب لكنها مطلوبة من أجل الضغط.
الحوار حضره بعض مناهضي الحكم العسكري في موريتانيا وبالتالي حضرت أسئلتهم ومن ضمنها، ماهو الجيش الموريتاني؟، وكان رد البروفسير، هو أن بعض الدراسات تقول أن الجيش هو النواة الصلبة التي تتشكل أساسها الدول وأنه عبارة عن هيئة تعاقدية أو أخوية لها طابع مميز عن بقية الشعب أو ما يشبهها، وأردف قائلا:”تأخذ الجيوش شكلها النهائي وتتبلور بعد خوضها لكثير من الحروب وتقديم الكثير من التضحيات من أجل شعوبها، حتى تجد مكانا في وجدان شعوبها، فتجد تماثيل لقادتها التاريخيين وشوارع بأسمائهم، مثل شارع ديجول وشارع نيلسون، وأن الجيوش ترى أنها وصية على دولها، أما بخصوص وضعنا في موريتانيا فذلك لم يحدث منه شيء وأضاف ساخرًأ:”من يشاهد زي الجيش يلاحظ العبثية وعدم النظام المعروفة عن الجيوش في العالم”، وتحدث عن التكوين وقال:”قد تكون ثقافة الجيوش ترسخت في عقول من تكون في الغرب لكن بخصوص من تكون في المشرق أظن أنهم طبعوا بالتسيس، والجيش تحول إلى منصة للوصول للسلطة، مثلا، البعثيين والناصريين وغيرهم، دخلوا الجيش من أجل الوصول للسلطة عبر الانقلابات”وخلص إلى أنه يعتقد أن حال الجيش لا يختلف عن حال المجتمع المطبوع بالطابع العشائري والقبلي.
وطبعا حضرت الانتخابات، فقد تحدث البروفسور عن الانتحابات، وقال:”الانتخابات في إفريقيا لم تكن نتاج محلي بل جاءت بإملاء خارجي، خاصة ما يسمى إفريقا الفرنكو فونية، حيث قام فرانسوا ميتران في خطابه الشهير بمطالبة الدول الدول الإفريقية بالانتقال إلى الديمقراطية حتى تستفيد من الدعم الفرنسي، حدث ذلك كأحد مخرجات سقوط جدار برلين وانتهاء الصراع بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي، هذا جعل الأنظمة تنتقل إلى محاولة خلق تعددية ولو شكلية، وحسب ملاحظتى، يقول الدكتور:” ذلك الوضع لم يأتي بشيء مهم، فقد خلقت تلك الحالة عودة قوية للطرح العشائري والقبلي”، ويضيف عبد الودود قائلًا:”بالنسبة لوضعنا فقد قمت بدراسة للتعاون الفرنسي حول الحالة المدنية، زرت فيها مناطق موريتانية عديدة، ومن المفارقة، زرت عائلة وسألتها إن حدث وتوفي منكم أحد هل ستبلغون الحالة المدنية، فكان ردهم، تريد أن نموت وندفع أيضا(هناك رسوم تدفع عن شهادة الوفاة)”، وأضاف:” حسب اعتقادي نحن في شعب لا يموت منه أحد، وذكر قصة في سوباولو، حيث قام العمدة بإصدار تعميم مكتوب فيه(هذه المدينة محرمة فيها الموت)، وهذا يعني أن الحالة المدنية والانتخابات لم يصل لمرحلة لها نتيجة، فتطغى عليه الصبغة العشائرية والقبلية، مثلا تقول لك جماعة قبلية نحن أعطينا كلمة لفلان”.. وخلص إلى أن هناك تشائم لدى الجميع وشبه قناعة بأن الانتخبات في بدلنا لا يمكنها تبديل نظام الحكم، وهذه قناعة لديه هو أيضا.
وتحدث عن مشاركته بيير بونت في دراسة أثبتت وجود انتماء طبقي في السبعينيات في أوساط العمال، فعندما يسأل الواحد منهم الآخر يقول له: ماهي درجتك العملية؟ بدل ماهي عشيرتك؟، لكن المشهد تغير الاَن ويسيطر عليه الطرح القرابي والعشائري وهذه انتكاسة، لكن تساءل في حديثه عن إضراب (سنيم) حول إمكانية عودة تلك الروح القديمة لدى العمال والتي كانت نتيجة لنضالات مشتركة، فذلك هو الطريق نحو أي تغيير جذري.
لم يخلو الحديث من نقاش الهوية، خاصة الأصول والرافد البربري للهوية الموريتانية، فقد بدأ حديثه بتأطير لإشكالية الأصول وقال أن أدلجتها لا تخص موريتانيا فقط، فقد تحدث عن كتاب مورمون وعن الدين الناشئ في القرن التاسع عشر على يد جوزيف سميث، الذي قال: أن البشرية منحدرة كلها من اَدم وحواء وأن من استطاع ايجاد سلسلة لنسب لاَدم بامكانه أن يقوم بطقوس لسترجع مكانه في الجنة”، وأتباع هذا الدين لديهم نسب البشرية كلها ويقال أن لهم دور كبير في تطوير المعلوماتية، وخلص إلى أن قضية الأنساب مجرد قصة حبكها الناس ولا أساس لها، فتتبع أنساب الأشخاص أمر مستحيل، ورد على سؤال حول قضية الوجود البربري في موريتانيا، وقال:” هنا لم يعد هناك من يقبل أنه بربري، لكن حسب ابن خلدون فان كلمة صنهاجة هي تعريب ل(أزناكة) وليس العكس، لكن هؤلاء الناس لا يقبلون أنهم بربر رغم أن لغتهم هي أكلام أزناكة(كلام أزناكة هو إحدى اللهجات المشكلة للغة الأمازيغية) الذي مازال موجودا بشكل ضئيل وهم أكثر سكان هذه المنطقة قبل مجيء قبائل بنى حسان، وقد حدثت عملية انصهار بين تلك القبائل وقبائل بنى حسان لم يعد بالامكان التفرقة بينهما، وسبق ذلك احتكاك بين قبائل صنهاجة وبربر جنوب المغرب.

انتهى اللقاء بالتقاط الصور وبفتح نقاشات جديدة بين الشباب وقطعا ساهم في تنظيف بعض العقول لكنه ترك غصة في نفوس الشباب لكون أمثال البروفسور لا يجدون التقدير اللازم في وطنهم، فعبد الودود ولد الشيخ يعيش في فرنسا منذ أكثر من عشرين سنة.

لقاء الجنرال وحجب المعلومات

صورة من التلفزة الموريتانية بعد قطع البث أثناء اللقاء
صورة من التلفزة الموريتانية بعد قطع البث أثناء اللقاء

انتهى جزء جديد من عروض الجنرال الهزلية التافهة، تلك العروض الكاشفة دوما لمدى ارتباك طرحه وضئالة احترامه، ومستوى احتقاره للمواطنين، لم أشاهد جل اللقاء وذلك عن سبق إصرار وتعمد، فأنا لست من المحبين لسماع الكذب، لكن سمعت بالصدفة ومن دون قصد، الصحفي أحمد ولد وديعة يطرح إشكالية مهمة وهي حجب المعلومات عن الصحافة، وسمعت الرد التافه من قبل الجنرال ولد عبد العزيز، الذي قال نحن نحجب عنكم المعلومات عن قصد خوفًا من تحريفها، فقد كان يحاول كعادته التهرب ببلاهة، من يخبر الجنرال التائه أن حق الولوج إلى المعلومة من أبجديات حقوق الانسان بل يعزز بقية حقوقه؟، من يخبره أن للمواطن الحق في الاطلاع على ما يحصل في مؤسسات دولته فما بالك بالصحفي الذي يعتمد عمله على المعلومات وأي حجب يعد تعديا على حقوق الانسان؟

متى تبدأ صحافتنا المستقلة ومجتمعنا المدني النضال من أجل انتزاع ذلك الحق؟ ومتى تتوقف المراحيض الألكترونية  عن حديث حرية التعبير في بلد تحجب فيه المعلومات؟ فالإدارات  والمرافق العمومية  تتلكأ بل ترفض التعاطي مع الصحفيين حين يحاولون استفسارها في أمر يخصها والمواطن أصلا لا مكان له من الإعراب في أجنداتهما، وفي دولتنا لا يوجد قانون يفرض حق الولوج إلى المعلومة رغم أن الكثير من دول العالم أصدرت قوانين تفرض ذلك الحق ومن بينها دول إفريقية تجاورنا، مثل تونس، ونيجيريا، لذلك يعد الحديث عن حرية التعبير ضربا من ضروب الخيال العلمي وتجديف غير مستساغ، فحق الولوج إلى المعلومة هو الضامن الأول لعملية مراقبة المواطن لممثليه في البرلمان والإطلاع على مستوى عمل موظفي الدولة ومدى نجاعة الحكومات في تسيير شؤون بلدانها، وهو أهم ركيزة في الحكم الرشيد لما يتيحه للمواطن من قدرة على مساءلة حكومته عن بينة  ووعي ويمكن الصحفيين والمنخرطين في منظمات المجتمع المدني من كشف مواطن الفساد والممارسات الملتوية في الإدارة، فانفتاح الإدارة يساهم في مكافحة الفساد فالانفتاح والشفافية وتسهيل المعلومات للمواطنين أمور تساعد في تقليل الشائعات التي قد تضر المواطن والإدارة وحجب المعلومات يطلق لها العنان. فحق الولوج إلى المعلومة هو أكسجين الديمقراطية وإكسيرها، وتؤكد المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية هذا الحق، ومن مظاهر عدم اهتمام نظامنا بحق المواطن في الولوج إلى المعلومة، حالة مواقع الوزارات والمرافق الرسمية على الشبكة، فنجد اَخر تحديث لبعضها  تم قبل سنين وبمعلومات تافهة، بل أن بعضها لم يحدث أصلا وظل مجرد صفحة فارغة من المحتوى وحتى أن تأمينها ضد القرصة باهت كحال حكومتنا، فقد تمت قرصنتها لأكثر من مرة، فحالها منافي لأبجديات حوكمة الأنترنت التي تفرض على الحكومات توفير البيانات الحكومية للجمهور، بشكل سهل ومريح للتصفح.

وبالرجوع للقاء الجنرال نكتشف مدى استفحال ثقافة الحجب وسيطرتها على تفكير الرجل(وهذا أمر طبيعي فهو جنرال لا يعرف سوى الأوامر العسكرية ومكانه الثكنة لا سدة الحكم والسياسة)، فقد جعلته مداخلة الصحفي أحمد ولد الوديعة  في بداية اللقاء يأمر بقطع البث  فورًا كنوع من محاولة التعمية على ما يجرى،  في غياب تام لأي مظهر من مظاهر الشفافية.

 

الحرية لرائف بدوي

رائف بدوي
رائف بدوي

شبكات التواصل الاجتماعي تتضامن هذه الأيام بشكل لافت مع المدون السعودي رائف بدوى، فالتغريدات والمناشير المناصرة له تكتسح تلك المواقع، فقد تم النشاط بكثافة على الأوسام التالية:
#‏الحرية_لرائف_بدوي
#جلد_رائف_بدوى
#FreeRaif.
وكان القضاء السعودي قد حكم على رائف بدوى من فترة بالسجن لعشر سنوات والجلد 1000 جلدة، وتهمة رائف هي تأسيس شبكة لليبراليين السعوديين وانتقاد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتمت تبرئته من الردة عن الإسلام والتي يعاقب عليها في السعودية بالاعدام، وقد بدأت بالفعل عملية جلد رائف (تم التوقف مؤقتا عن جلد رائف بسبب وضعه الصحي)، ليجدد النظام السعودي عهده مع التعبير عن التطرف والوحشية التي تطبعه، فرائف لم يحمل سلاحًا ولم يقتل لفرض فكرة.
يبلغ رائف بدوى 31 سنة وهو متزوج من الناشطة انصاف حيدر ولديه ثلاثة أبناء.

قضية رائف بدوى تأخذ الاَن زخماً دوليا وقد عبرت عدة منظمات حقوقية عالمية عن امتعاضها من عملية الجلد والحكم بشكل عام، مثل منظمة العفو الدولية.

قضية رائف بدوى كشفت الكثير من التناقض لدى بعض النخب السعودية والعربية ولدى النظام السعودي أيضا، فالنخب الليبرالية السعودية والعربية تقدم نفسها كمحاربة لكل الأفكار المتطرفة والمتعصبة وتنتقد تنظيم داعش في الصباح والمساء وأعلنت أنها شارلي وضد أي تعامل عنيف لمجابهة الأفكار، وهاهي اليوم تسكت على عملية جلد رائف بدوى وسجنه لعشر سنين، بسبب اَرائه وغير بعيد من ذلك الموقف، نجد النظام السعودي يدخل في حرب ضد إرهاب داعش ويتهمها بالوحشية، وقد شارك سفير المملكة في مسيرة باريس المنددة بحادثة شارلي، ويقوم في نفس الوقت بقمع الأصوات المخالفة له وبنفس طريقة داعش، وهو تناقض غير مستغرب من النظام السعودي فقد دأب على قمع مواطنيه وتقديم نفسه كمحارب للإرهاب في العالم.
قصة رائف بدوى تفرض على كل صاحب ضمير حي يرفض تعنيف الانسان بسبب اَرائه، أن يعلن التضامن معه، لأنها باختصار جريمة في حق الانسانية وقيمها، فرائف يدفع اليوم ثمن محاولته الانتفاض على حالة القمع في بلده، الحرية لرائف وللكلمة الحرة في السعودية وكل بلدان العالم العربي، ويستمر النضال حتى انزياح أسوار القمع.

الزويرات: معركة العمال من أجل الكرامة

جانب من اعتصام العمال
جانب من اعتصام العمال

تصيبني رتابة المشهد السياسي المحلى وضحالة الطرح صاحب الصوت الأعلى فيه بحالة من عدم اللامبالاة المؤقتة،فلا أكترث كثيرًا به ولا بشخوصه ولا بأحداثه المجترة،فلا جديد فيه يستحق التفاعل أو المشاركة بشغف فلم يعد للمصطلحات ولا المواقف أي قيمة لكثرة لعكها من قبل الانتهازيين الذين يتبارون في تشويه أي جميل،فقد دأبوا على تمييع الأشياء،فلم يعد للحوار ولا للمواثيق قيمة لكثرة نقضها، وهناك نجاحات في مسيرة المحاولات الحثيثة لتحويل مفهوم النضال إلى مجرد وسيلة قذرة لتحقيق مصلحة ذاتية جدًا على حساب طموحات وحقوق الشعب والكادحين.لكن،حالة اللامبالاة التي ذكرت سالفا وأكدت أنها مؤقتة تغادرني حين أجد مشهدًا يستحق التفاعل بل الانغماس فيه وخدمته،ومن اَخر النسمات الجميلة التي دخلت مسام عقلي، قضية إضراب عمال سنيم في مدينة الزويرات شمال موريتانيا.
لنتحدث إذن عن تلك الملحمة الحقيقية

من إعتصام العمال
من إعتصام العمال

بدأت ملحمة عمال الزويرات في 30 جانفي 2015،وذلك بعد أن سئموا من وعود مدير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم(سنيم) وبعد أن اتضح لهم أنه قرر أن ينكث بكل تعهدات الشركة،وكانت الشركة قد وقعت مع العمال تعهدًا يقضي بزيادة رواتبهم ومن المفترض حسب الاتفاق أن يبدأ التنفيذ في أكتوبر 2014 لكن الشركة لم تفى به،وهو ما جعل العمال يدخلون في إضراب مفتوح و ينزعون نحو التصعيد،وقد نجح العمال في خلق حالة من التضامن مع قضيتهم رغم التعامي الإعلامي الواضح الفاضح ومحاولات الشركة أن تعطى صورة مغلوطة عن الإضراب عبر شراء وسائل الإعلام المحلية.
نجح مناديب العمال أصحاب فكرة الإضراب في إقناع أغلب رفاقهم بضرورة الانخراط في الإضراب وقد وصل عدد المشاركين فيه إلى 3886 عمالاً من عمال الشركة من أصل 4500 عاملاً(الرقم هو عدد عمال الشركة في مدينة الزويرات وليس العدد الإجمالي لعمالها)،تم ذلك رغم كل الضغوط السياسية والقبلية،وكذلك رغم قيام الشركة بتهديد كل العمال العقوديين في الشركة بالفصل حال استمرارهم في الإضراب،إلا أن ذلك لم يزد العمال سوى إصرارًا على مواصلة الضغط،وقد أدت تلك الخطوة إلى مسيرة تضامن حاشدة من قبل العمال والمجتمع المحلى وماتزال إلى اليوم مدينة الزويرت مكانا للمسيرات الحاشدة المتضامنة مع العمال،في المقابل،قام عمال شركة سنيم في مدينة نواذيبو بوضع إخطار يقضي بتوقيفين عن العمل يومي 25 و26 فبراير، والدخول في إضراب مفتوح حال عدم الاستجابة لمطالبهم،ومن بين مطالبهم:
ـ زيادة الأجور وفقا لاتفاقية الزويرات في 3 مايو 2014.
ـ إدخال علاوات الإنتاج منذ بداية السنة.
ـ دفع راتب شهرين للمتقاعدين تعويضا عن تأخر الزيادة المقررة في مايو 2014.
يحدث هذا في ظل تجاهل من قبل الشركة الوطنية للصناعة والمناجم فلم تكلف خاطرها في دخول حوار مع العمال أو تطيب خواطرهم ولو بشطر وعد جديد وتصر على أنهم مجرد عمال متسيسون وأن عمل الشركة لم يتأثر،وتفضل رشوة بعض المواقع الألكترونية للتعتيم على الإضراب وتشويه المضربين،والقول أن الإضراب غير قانوني،لأن الموقعين عليه ستة مناديب من أصل أربعة عشر ورغم أن عدد المناديب الموقعين حاليا على الإضراب هم ثمانية ويرفضه ستة فقط،وفي حديث جرى بيني وبين محمد ولد أحمد زروق أحد العمال المضربين،قال لي أن العمال يريدون فقط أن يتم الالتفات لمطالبهم وما يغضبهم هو حالة التجاهل المتعمدة من قبل الشركة.
المفارقة في القضية هي أن شركة سنيم قدمت قبل فترة ليست بالطويلة قرضا بقيمة بلغ 15 مليار أوقية لشركة النجاح الخاصة التي تشرف على بناء مطار نواكشوط الدولى وذلك بعد تعثر الأخيرة في التزاماتها نحو الدولة الموريتانية،وهو ما يجعلني أطرح التساؤل التالي أيهما أولى بالرحمة شركة رأسمالية تفشل في تعهداتها للدولة أم عمال بسطاء يكدحون من أجل لقمة عيشهم؟

خلاصة

قضية عمال سنيم ومثلها من النضالات العمالية هي الواقع الملموس وطريق التغيير والتعبير الصادق عن واقع الشعب أما بقية الأحاديث التي تجري في الصالونات والمكاتب المكيفة فلا تعدو كونها جلسات بين مترفين لتقاسم الأدوار في النصب على الشعب،فدعم نضالات العمال أولى،فالعمال هم أكثر فئات طبقة الكادحين بل الشعب قدرة على لعب دور مؤثر في عملية التحرر من الظلم والإقطاع والفساد وتحكم العصابات في شؤون الدول،لذلك نضالهم صادق وحقيقي فهم مرتبطون بعقد أزلى مع عملية الانتاج التي تقوم عليها الدول واقتصادياتها وهم أصدق تعبير عن واقع الأسرة واحتياجاتها،ولا ينتفضون إلا حين يفيض بهم الكيل وحين ينتفضون فيعني ذلك أن الوضع لم يعد يطاق وأن ساعة التغيير قد اقتربت،المجد للعمال.

سيبو:رحلة جد ومرح

صورة لبرلمان مدينة سيبو
صورة لبرلمان مدينة سيبو

كانت الصورة المطبوعة في مخيلتي حول الفلبين تتلخص في كونها دولة اَسوية استوائية تملك شواطئ جميلة،دولة تعاني الفقر ومخلفات سنوات عديدة من الدكتاتورية والفساد،لذلك لم أفكر في أي لحظة في زيارتها، فالأماكن الجميلة في العالم كثيرة وأقرب من الفلبين،لكن،بدأت تلك النظرة تتغير وذلك مع قراءتي لرواية( ساق البامبو) للكاتب الكويتي سعود السنعوسي وما حوته من سرد جميل لحياة الناس وللتاريخ وللفن أيضا،فقد غمرتني تفاصيل الراوية وأحداثها بحالة جميلة من الشغف بتلك البلاد وجعلتني أتوق لعيش لحظات فيها.

جعلتني الرواية أتعلق بالتعرف على بعض الأغاني والقصص التاريخية والقادة مثل “ريزال” والقائد“لابو_ لابو”، وبالطبع  التعرف على البامبو وساقه وخوسيه ميندوزا ووالدته وبنت خالته وخالته وجده(أظني قابلت الأخير).

لمحة تاريخية سريعة

للفلبين تاريخ عريق يجعلها من البلدان المتفردة في منقطتها،فقد تأثرت بعدة ثقافات وحضارات،مثل الاسلامية والمسيحية الاسبانية والأمريكية واليابانية،فالفلبين مكان لتلاقح عدة أفكار وأجناس،فقد وجد الإسلام و المسلمين حسب بعض الروايات طريقهم إلى الفلبين في 883م،وذلك عن طريق بعض الدعاة وانتشر فيما بعد عن طريق التجار،وكانت لرحلة الرحالة البرتغالي ماجلان(1519 و 1521)بالغ التأثير في تاريخ الفلبين،فقد قام الملك  الإسباني شارل الخامس، بالطلب من ماجلان بالبحث عن طريق تجاري آخر إلى آسيا عبر الغرب.لتبدأ بعد ذلك رحلة الاستعمار الإسباني للفلبين والذي دام أكثر من 300 سنة رغم مقتل الرحالة ماجلان  أثناء رحلته في مدينة ماكتان على يد الزعيم لابو لابو،وقد ترسخت في تلك الفترة الكاتلوكية بالدولة لتصبح  الفلبين وتيمور الشرقية استثناء في المنطقة،نعم الشعب في الفلبين بالاستقلال عن إسبانيا في سنة 1898وذلك بعد ثورة ضد الاحتلال الإسباني  وأعلن عن الجمهورية الفلبينية،لكن ذلك كان لفترة وجيزة،فقد رجع الشعب تحت نير استعمار جديد،وسقطت الفلبين في يد أمريكا في خضم ما يعرف بالحرب الأمريكية الاسبانية، لتستقل عام 1946،ذلك الاستعمار الذي أسس لانتشار اللغة الانجليزية في الفلبين.

نواكشوط -سيبو:

انطلقت نحو مدينة سيبو الفلبينية فجر التاسع عشر من يناير وذلك تلبية لدعوة موقع الأصوات العالمية،لحضور قمة الأصوات العالمية لإعلام المواطن للعام 2015،المتزامنة مع مرور عشر سنوات لتأسيس تلك المنصة الرائدة،حيث خضت غمار رحلة مضنية،تزيد على عشرين ساعة من التحليق في الجو،فقد كان علي أن أقضى ثلاثة ساعات بين مدينة نواكشوط والدار البيضاء وتسع ساعات بين دبي والدار البيضاء وثمان ساعات بين مانيلا ومدينة دبي وأكثر من ساعة بين مدينة مانيلا ووجهتي الأخيرة مدينة سيبو ملكة الجنوب الفلبيني.
وصلت لمطار مدينة سيبو على أنغام الموسيقي المحلية،فقد كانت إحدى الفرق المحلية تنتظر المشاركين في القمة لتقاسمهم جمال الموسيقي المحلية،فرحا وطربا بقدومهم لمدينتهم الحاضنة،وهو أمر بعث في مزيد من الشغف لخوض التجربة الفلبينية.وكان علي خوض تجربة قطع جسر مكتان لأصل للفندق فالمطار يقع في جزيرة أخرى غير سيبو.

جسر مكتان
جسر مكتان

وصلت للفندق في الساعة التاسعة،من يوم 20 يناير،وكان السرير يناديني بكل ود رغم تفكيري في الانطلاق في المدينة رغم التعب، إلا أن السرير انتصر في الأخير،فقد كان أكثر إقناعا ففي الصباح الموالي تبدأ ورش وجلسات قمة الأصوات العالمية.
نشاطات من قمة الأصوات العالمية
بدأت في 21 من يناير جلسات وورش قمة الأصوات العالمية المغلقة على مجتمع الأصوت العالمية والتي تمتد لثلاثة أيام،اختصرت تلك الجلسات قصص العالم فقد كان المشاركين فيها يعبرون عن فيسفسائية الأصوات العالمية،فقد مثل التواجد خريطة العالم،من قرغيزستان وتركمانستنا حتى مدغشقر وميانمار والمكسيس ولبنان وطبعا موريتانيا وفرنسا،وكانت فرصة للتعرف على قصص المساهمين في الأصوات العالمين ومشاريع ذلك المجتمع الثري.

حضرت عدة ورش في الأيام الثلاثة الأولى، مثل ورشة ” كيفية الكتابة في البيئات المعرضة للخطر”.والتي كانت تديرها محررة الشرق الأوسط في الأصوات العالمية،وقد كانت فرصة بالنسبة لي للتعرف على التابوهات الموجودة بعض البلدان البعيدة،ففي بنجلاديش مثلا:عرض الحياة الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي ومقاسمة صورة شرب البيرة مثلا قد يتسبب في الضرر، وفي كلومبيا تعد الكتابة حول اتصالات الحكومة مع رجال الأعمال المخدرات أهم مصادر المشاكل وفي بلدان وسط اَسيا ليس أمامك سوى الحديث بايجابية عن جوانب الحياة والغذاء والثقافة فغير ذلك تابوهات خطيرة.وقد خرجت الورشة بمجموعة من المقترحات لحماية المدونين في البيئات الخطيرة،مثل:

استخدام  الحيل الذكية،مثل:

-الأسماء المستعارة، والتشفير، إخفاء الهوية،،استخدام الاستعارات والرموز والسخرية والفكاهة،عدم استخدام الصور الحقيقية.

– استخدام تطبيقات آمنة وموثوقة على الهواتف الذكية و استخدام المتصفحات الآمنة وأدوات الحماية مثلTOR، HTTPS

– الحذر من الحديث عن نشاطك للغرباء.

-التأكد من عدم ترك بصماتك

-ممارسة درجة معينة من الرقابة الذاتية

-استخدام الفنون للرد على الواقع والقضايا الجذرية

وتضمنت المقترحات تكتيكات أخرى، مثل:

-غسيل المعلومات وإرسالها عن طرق مختلفة غير معلنة ومن خلال اَخرين وتسريبها لوسائل الإعلام

-أهم طرق حماية النفس هي كتابة الأشياء الحقيقية فقط.

خرجت الورشة كذلك بمقترحات للدفاع عن المدونين:

-خلق حملات مكثفة ومستمرة على وسائل الإعلام من أجل رفع مستوى الوعي وايصال الصوت للمجتمع الدولى من أجل الضغط على الحكومات.

– الاتصال بالسياسيين الذين لديهم مواقف داعمة لحرية التعبير،مواصلة العمل من أجل فرض  أن تظل القضية محط اهتمام الصحافة ومدرجة ضمن أجندات الصحف.

-الاتصال بمنظمات حقوق الانسان والمحامين،وتكثيف النشاط  المتضامن حتى تأخذ القضايا الزخم المطلوب ولفت انتباه المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية.

-إطلاق الحملات لسن قوانين تكفل حرية التعبير والتوقف عن الرقابة أو تغيير القوانين التي تقمع ذلك الحق، تعزيز دور المجتمع المدني ورقابة وسائل الإعلام.

ومن بين الأمور اللطيفة التي حضرت لها،عرض حول اللغة المحلية في الفلبين،ومن بين الأمور القليلة التي علقت في ذهني،هي أن سلامات هي شكراً.

شاركت كذلك في ورشة حول الأمان الرقمى مع المدرب سمير نصار،وقد تمحورت حول برمجيةbidgin،وهي برمجية حرة مفتوحة المصدر تسمح للمستخدممن التراسل بشكل مشفر واَمن.

بعد انتهاء الأيام المغلقة من قمة الأصوات العالمية،بدأت في مبنى برلمان مدينة سيبو بالفلبين أنشطة المؤتمر المفتوح الذي حضره العديد من الشخصيات الناشطة في عالم الأنترنت،وقد تميز بوجود معرض لمنتجات وخدمات جوجل،وقد بدأت أنشطة المؤتمر بقيام المساهمين في دفاع الأصوات العالمية، بالإعلان عن بيان تضامني مع النشطاء والمدونين المتعقلين في العالم.

شهدت القمة المفتوحة مجموعة من حلقات النقاش كان بعضها متزامنا وقد تمحورت حول حقوق الانسان على الأنترنت،وطبيعة وكيفية الاحتجاجات التي حدثت في العالم خلال السنة المنصرمة، والحركات المدنية على الإنترنت حول العالم وقدمت خلالها مشاريع من بلدان عدة،ومن بين المشاريع التي لفتت انتباه الحاضرين مشروع يدعم حقوق الفتيات في قرغيزستان،وهو عبارة عن حملة تساعد النساء الشابات لتتحدث عن الحواجز والاضطهاد التي يواجهنه في حياتهن اليومية.المشروع مدعوم طرف مشروع الأصوات المهددة التابع للأصوات العالمية.وعرضت قصص لفتيات من قرغيزستان تعرضن لشتى أنواع الماَسي والكوارث،وكان العرض مؤثراً جدا.
ومن بين الحلقات النقاشية التي حضرت،كانت جلسة بعنوان كيف احتج الناس في 2014،وقد تحدثت  فيها أمير الحسيني من البحرين،ماسا من إيران،ليلي نشواتي من سوريا عن الأوضاع في بلدانهن.

وقد حضرت عرضا عن واقع الانترنت في الفلبين،فقد قدم لنا توني كروز،بعض المعلومات الرائعة عن الأنترنت في بلده،فمثلا،يلج 40 مليون فلبيني إلى الأنترنت من خلال منازلهم،وأكد لنا أن هناك نشاط تدويني مزدهر في كل محافظات الفلبين من مندناو وسيبو ومانيلا،ويتم استخدام الأنترنت في النشاط السياسي وأهم نموذج على ذلك هي الحملات لحماية الأصوات،مثل مشروع يسمى Blogwatch لاستخدام الانترنت لتوثيق وحماية الأصوات وكان ذلك في 2010وتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الفلبين خارج النطاق السياسي،مثلا تم التفاعل مع الإعصار عبر شبكات التواصل الاجتماعي،ومن أبرز تلك الهاشتقات  #rescuep،ومن المعلومات اللطيفة التي اكتشفت هي أن الفلبين العاصمة العالمية للسيلفي،تجدون هنا مجموعة من التقارير أعدها مشاركون في قمة الأصوات العالمية.

سياحة واستكشاف

منظر من جزيرة أولونغو – Oolongo
منظر من جزيرة أولونغو – Oolongo

رغم ضيق الوقت،كانت لي عدة مصافحات مع مدينة سيبو الدافئة،وكانت أولى خرجاتي بالليل وسط ستر الظلام والهدوء،وكان انطباعي الأولى هو أنها مدينة لطيفة غير مزدحمة،وكانت وجهتي الأولى هي شارع مانغو،حيث تنتشر المطاعم وأماكن التسلية،وأولى ملاحظة بدت لى هي غياب تام للثقافة الشعبية للدولة وسيطرة الثقافة الغربية،فمثلا كل اللافتات مكتوبة بالأحرف اللاتينية(أصلا لغة التاغالو التي هي أصل اللغة الفلبينية تكتب بالأحرف اللاتينة)،ومترجمة أيضا للانجليزية،وكذلك تنوع الأشكال والسحنات في المدينة ولطف الناس،فقد ارتحت للمكان والمدينة،وقد لاحظت تشابها بين حال المدينة والناس وبعض مدن أمريكا اللاتينية(طبعا أنا معلوماتي عن أمريكا اللاتينية مستقات من الإعلام والأدب فقط)،واكتشفت أيضا أن الرجل الإفريقي مقدر جدا في الفلبين(عليكم الاتصال بي بشكل خاص لمعرفة تفاصيل ذلك)،ولاحظت كذلك أنه لا توجد مناطق خاصة بالفقراء وأخرى للأغنياء،فتجد عمارة راقية تزاحم كوخ مهترئ لمواطن فقير في خصام مع قميصه،وهو أمر استنتجت منه أن اليد الرأسمالية لم تبطش كثيراً  بالمدينة بعد، فمازال للفقراء مكان ولم يطردوا خارج المدينة. تجولت في بعض الشوارع الفرعية،وكذلك وقفت عند دوار فونتيه اوسمينيا،وقمت في اليوم الموالي بجولة سياحية في المدينة،كانت هذه المرة في وضح النهار، مررت فيها بعد محطات وقد غلب عليها التاريخ المسيحي لمدينة سيبو،وكذلك جربت ركوب الجيب الفلبيني،وهو أكثر وسائل النقل انتشارا في المدينة،لكن إن كان طولك فوق 160 ستجد صعوبة في التأقلم معه،وبعد انتهاء المؤتمر خضت عباب البحر مع مجموعة من الأصدقاء،حيث ذهبنا إلى جزيرة أولونغو – Oolongo الساحرة،وقبل وصولنا لتلك الجزيرة جربنا السباحة في المحيط الهادئ،وفي الجزيرة كان للاسترخاء مكان مهم في البرنامج رغم أن المطر لم يتوقف عن مغازلتنا منذ بداية رحلتنا إلى الجزيرة حتى وصولنا،فظلت زخات المطر تداعبنا طوال الرحلة.في نهاية التدوينة،يسعدني بعث أكثر التحايا صخبا لكل من قاسمني روح المرح وأذاب الحواجز في الحفل الختامي لقمة الأصوات العالمية.
سلامات

التدوين كبداية!!

صورة للمشاركين في الورشة وأعضاء المدونة الجديدة
صورة لبعض المشااركين في الورشة وأعضاء المدونة الجديدة

أشارك منذ الثامن والعشرين من الشهر المنصرم في دورة تكوينية من تنظيم منظمة Afcf و PANOS INSTITUTE WEST AFICA.
تتمحور هذه الدورة حول استراتجيات الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي وتأتي في إطار حملة لكسر حاجز الصمت حول التابوهات والأفكار المتخلفة المتحكمة في المجتمع، وتنويرالرأي بخصوص العنف الموجه للنوع في غرب إفريقيا.

تهدف الدورة إلى خلق شبكة من النشطاء الحقوقيين والصحفيين المناصرين لقضايا المرأة وإلى تسخير الإعلام الجديد ووسائطه لدعم ذلك الغرض، وهو أمر نحتاجه بالحاح في موريتانيا، فقضية تعنيف المرأة واغتصابه لا تجد لحد الاَن مكانها اللائق في النقاش المتفجر على الشبكة بين النشطاء والمدونين الموريتانين، وهو أمر بحاجة لبعض العمل من قبل الفاعلين في مجال حقوق المرأة.

وقد إنبثقت عن هذه الورشة لحد الاَن مدونة تشاركية بين المنخرطين في الدورة تحمل اسم “ STOP VEDAN “، وتأتي المدونة كلبنة أولى للتشبيك بينهم وبث أعمالهم وأفكارهم المناصرة للمرأة، وهو أمر أسعدني كثيراً كمدون مؤمن بدور هذا الوسيط في ترسيخ الوعي ونثر الأفكار والمعلومات المفيدة والدفاع عن المظلمين والمهمشين، وأرى أنه كلما وسعنا قاعدة الصحفيين والمدونين المناصرين لقضايا المرأة والمناهضين لتعنفيها سيكون النجاح حليفنا، فالتدوين بما يحمله من كسر لمقص الرقيب في الصحافة التقليدية يساعد على تخطي تقاليد المجتمع المتخلفة الداعمة للتميز بحق المرأة، فهو نمط تعبير متحرر لا يرضخ لاكراهات المجتمع ولا سطوة السلطة ولا المال ومن خلال الحملات التدوينية المحترفة ستجد القضية زخمها المطلوب وتفرض نفسها على الرأي العام.
في الختام أتمنى أن تحمل المدونة الجديدة إضافة جيدة للمحتوى التدويني الموريتاني المحتاج لأي جديد وتسهم في تنوير الرأي العام ولن يكون ذلك سوى بتضافر جهود الجميع ومن الضروري أن تليها خطوات أخرى داعمة ومكملة فالتدوين وحده لايكفي والواقع يحتاج كل جهد وفكرة.

في الفيديو التالي بعض الانطباعات لإحدى المشاركات في الورشة