أرشيفات التصنيف: ديمقراطية

الأمن الموريتاني..قمع الطلبة أولًا!

تجمع احتجاجي للطلاب
تجمع احتجاجي للطلاب

الموضوع منشور على موقع ألترا صوت 

لكل نظام أمني أولوياته التي تبرز طبيعته ونمط تفكير واضعي سياساته وموجهي عناصره، وطبعًا للنظام الموريتاني أولوياته التي لا تختلف كثيرًا عن نظرائه في الدول العربية، فيا ترى ما هي تلك الأولويات التي توجه بوصلة النظام الأمني الموريتاني؟

مشهد أول

قبل أيام، بدأ طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا والطب وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، احتجاجات مطالبين بتوفير نقل جامعي محترم، حيث يعاني الطلاب من كون جامعتهم تقع خارج العاصمة بعدة كيلومترات، في منطقة نائية وصحراء مقفرة، والجهة الوصية لم توفر لهم سوى عشرين باصًا مهترئًا وحسب الطلاب، يتعطل كل يوم ستة منها أو سبعة، ولا تكفي لإيصالهم أصلًا، حيث يتكدسون فيها، وهو ما جعل عملية وصولهم للجامعة معركة سيزيفية مؤلمة. طالب الطلاب كذلك بتحسين خدمات المطعم الجامعي، فهم يعتبرون أن خدماته الحالية مهينة للكرامة الإنسانية، وقد نشروا صورًا لطوابيرهم أثناء أوقات الغداء، وهو ما جعل الشبكة العنكبوتية تنتفض، حيث عبر روادها الموريتانيون عن أن تلك المظاهر تبعث على الحنق وتعتبر مذلة لطلبة العلم وللإنسان الموريتاني بشكل عام، وكان احتجاج الطلاب سلميًا وحضاريًا، كل ما سبق من مبررات للاحتجاج لم تقنع النظام الموريتاني، الذي قام بتوجيه قوات الأمن لقمع الطلاب والتنكيل بهم، وإمطارهم بمسيلات الدموع وتوقيفهم واخفائهم في مفوضيات الشرطة.
مشهد ثانٍ
تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ فترة في حالة حادة من ارتفاع معدلات الجريمة في بعض أحيائها، وهو ما جعل بعض المواطنين يخرجون مطالبين بتوفير الأمن لهم والوقوف في وجه الجريمة المنظمة التي تنغص حياتهم، وقد تصاعدت في الأيام الماضية وتيرة الغضب الشعبي من فقدان الأمن، خاصة حين حدثت جريمة قتل لتاجرة موريتانية في السوق المركزي بنواكشوط، وتمت الجريمة في وضح النهار، وحين تم استجواب وزير الداخلية الموريتاني من طرف نواب في البرلمان حول استفحال الجريمة وتدهور الوضع الأمني، رد بأن سبب الانهيار الأمني هو فوضوية المواطن الموريتاني!، ونظر لضرورة توفير المواطن الأمن لنفسه في تهرب واضح وفاضح من مسئولياته، فلا مكان للخجل وحمرته على وجوه المسؤولين الموريتانيين، ويذكر أن النظام الموريتاني دأب على ترويج نفسه أنه صاحب مقاربة أمنية ناجحة لمحاربة الإرهاب الخارجي، لكنه يفشل اليوم بشكل بائن في الأمن الداخلي.

المواطن هو المذنب هو الخطر ومن يستحق التوقيف والكبح، راحته خطر على استقرار الدولة، طموحه وتوقه لخدمات محترمة تهدد الأمن القومي، أما المجرمون فيستحقون اللطف والدعم فهم جزء من المنظومة الأمنية بل من النظام الحاكم، تلك هي نظرة وعقيدة من يسيِّرون البلد، فالأجهزة الأمنية لم يتم تأسيسها لحماية المواطنين من الجريمة المنظمة ولا لبث السكينة بينهم، بل لقمعهم حين يحتجون حتى يرضخوا ويسكتوا على الظلم، وبث النعرات بينهم، هي سوط على رقابهم وتلك هي أولويتها الأولى والأخيرة.

تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: التعبير عن الرأي عبر الإنترنت كسر صورة الحكام كأنصاف آلهة

Main_Internet-Freedom-of-Speech

أعداد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي تضاعفت ثلاث مرات خلال الأعوام السبعة الماضية. حالات كثيرة تعرض أصحابها للسجن والمضايقة بسبب آراء عبّروا عنها عبر الإنترنت. وهناك صراع حاد بين مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وحكوماتهم. هذه بعض الخلاصات التي توصّل إليها تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

وكانت الشبكة قد أطلقت، يوم الإثنين 4 مايو 2015، بالتعاون مع مؤسسة مهارات، التقرير الخامس حول حرية الإنترنت في العالم العربي، بعنوان: “لف_وارجع_تاني”. وتضمّن التقرير المكون من 93 صفحة، إحصاءات متعلقة بأعداد مستخدمي الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في البلدان العربية، بالإضافة إلى تقديم صورة بانورامية للواقع الحقوقي في هذه الدول.

وتناول التقرير حرية استخدام الإنترنت في العالم العربي، ومؤشر الحريات، وقدم لوائح وقصصاً للمعتقلين وخريطة للقوانين العربية المتعلقة بالإنترنت. وتزامن إصدار الشبكة للتقرير مع إطلاق حملة بعنوان #حريتهم_حقهم، بالاشتراك مع مؤسسة “مهارات” و”إيفكس”. وتهدف الحملة التي أعلنت من العاصمة اللبنانية بيروت، لمناسبة اليوم العالمي للصحافة، إلى التضامن مع سجناء الرأي في العالم العربي والتعريف بقضاياهم. وقد أعدت الحملة قائمة بـ350 سجين رأي، وشارك فيها من خلال التغريد على هاشتاغ #حريتهم_حقهم ناشطون كثر.

إحصاءات حول استخدام الإنترنت في العالم العربي

تضمن التقرير العديد من الإحصاءات المتعلقة بالإنترنت في العالم العربي ورصد تطور استخدامها. وجاء فيه أن أعداد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي تضاعفت ثلاث مرات خلال الأعوام السبعة الماضية، وبعد أن كان عددهم 52 مليوناً سنة 2009 وصل إلى 157 مليوناً في السنة الجارية. كذلك تضاعف عدد مستخدمي فيسبوك ست مرات في الفترة نفسها، من 12 مليوناً سنة 2009 إلى 78 مليوناً اليوم.

وقدّم التقرير خريطة بالمستخدمين حسب كل بلد، وكل وسيط من وسائط الإنترنت. من حيث العدد، وبدون احتساب نسبة المستخدمين إلى عدد السكان، تربعت مصر على رأس الخريطة مع 48 مليون مستخدم للإنترنت و24 مليوناً لفايسبوك و4 ملايين لتويتر. ثم أتى المغرب مع 20,5 مليوناً للإنترنت و8 ملايين لفايسبوك و100 ألف لتوتير. وتلتهما السعودية مع 19,6 مليوناً للإنترنت و8,5 ملايين لفايسبوك و7 ملايين لتويتر.

Table_Internet-Freedom-of-Speech

 

قصص من العالم العربي

ورصد التقرير مجموعة حالات تعرض أصحابها للسجن والمضايقة بسبب آراء عبروا عنها عبر الإنترنت، وأورد نموذجاً واحداً من كل بلد. ومن القضايا التي ذكرها، قضية زكي بني أرشيد، الذي قضت محكمة أمن الدولة الأردنية بسجنه سنة ونصف السنة بتهمة “تعكير العلاقات مع دول شقيقة”، وذلك على خلفية مقال كتبه ونشره على الإنترنت وانتقد فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بعد تصنيفها الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وقضية الحكم على المدون البحريني علي المعراج بالسجن عامين ونصف العام بسبب انتقاده للحكومة البحرينية على مدونته “لؤلؤة أوال”.

ولم تغب قضية الناشطين السعوديين عن التقرير، فذكر حالات وليد أبو الخير ورائف بدوي وفوزان الحربي وسعاد الشمري ومحمد العنزي. وقدم التقرير أيضاً قائمة بالمتهمين بالإساءة للذات الأميرية في الكويت، ذاكراً أن عدد القضايا المتعلقة بهذه التهمة بلغت 160 خلال عامي 2013 و2014 وأغلبها متعلق بتغريدات على موقع تويتر.

ومن تونس، ذكر التقرير قضايا عدة مثل قضية المدون التونسي ياسين العياري الذي حكم عليه بالسجن ستة أشهر لانتقاده مسؤولين عسكريين. وتطرق التقرير إلى قضية الشاعر القطري محمد الذيب الذي حكم عليه عام 2013 بالسجن خمسة عشر عاماً بعد أن كان قد حكم عليه عام 2012 بالسجن المؤبد. وتطرق كذلك إلى سجن بعض المدونين اللبنانيين بتهم القدح والذم مثل قضية جان عاصي الذي اتهم بالإساءة إلى رئيس الجمهورية.

للمزيد: “التعبير عن الرأي على الإنترنت مخاطرة

وذكر التقرير قضية اعتقال أحد مؤسسي شبكة رصد في نوفمبر 2013 وهو الصحافي عمرو سلامة القزاز الذي استُجوب وصودر كمبيوتره وهاتفه الجوّال وبعض المستندات التي كانت بحوزته وأحيل وبعض زملائه في الشبكة إلى النيابة العسكرية المصرية التي اتهمتهم مع اَخرين بإذاعة ونشر سر من أسرار الدفاع عن البلاد على شبكة الإنترنت، وذلك على خلفية نشرهم تصريحات للمشير عبد الفتاح السيسي عندما كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ومرشحاً محتملاً للرئاسة.

الحجب والرقابة

وحوى التقرير أيضاً بعض الممارسات الرقابية التي يتضرر منها المواطنون العرب على الإنترنت، وأكّد أن مزودي الخدمة في لبنان يراقبون مستخدمي الإنترنت. وكذلك تطرق إلى حجب 17 موقعاً في لبنان بدون قانون ينظم أو يفرض ذلك، وقد حدث الحجب عام 2013. كما تحدث عن “كراسة شروط” أعدتها وزارة الداخلية المصرية تهدف إلى مراقبة مستخدمي شبكة الإنترنت.

وبحسب التقرير، حجبت الحكومة السودانية، عام 2012، ثلاثة مواقع إخبارية، هي “الراكوبة” و”حريات” و”سودانيز أونلاين”. وانتقد قانوناً متعلقاً بالإرهاب أصدرته السلطات السعودية العام الماضي ويجرّم جميع أنواع التكفير ويعتبرها إرهاباً.

وأوضح التقرير مدى الصراع بين مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وحكوماتهم والتضحيات التي يبذلونها من أجل إسماع أصواتهم. وفي حديث لرصيف22، قال المدير التنفيذي لـ”الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” جمال عيد: “التقرير هو الخامس للشبكة العربية حول حرية استخدام الإنترنت ونصدره مرة كل عامين. إلا أن أهميته تأتي من تزامن إصداره مع نجاح الثورات المضادة في العالم العربي، في جولة من الصراع ضد المطالبين بالديمقراطية”.

وأضاف عيد أن التقرير يوضح كيف نما عدد مستخدمي الإنترنت بشكل هائل، لا سيما مستخدمي شبكتي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، واستخدام الشبكة العنكبوتية كأداة خارج سيطرة الحكومات. وهو يوضح أنه في مقابل كل سجين رأي جديد، لا سيما على الإنترنت، هناك منتقدون ومدافعون عن حرية التعبير يظهرون، وسط الشباب العربي الذي لم يكتفِ بالمشاهدة، بل صار يصنع الحدث والخبر ويتفاعل معه، بل يكسر الصورة النمطية للحكام العرب كأنصاف آلهة وأنصاف طغاة، عبر السخرية والنقد، وأحياناً عبر التحدي”.

وختم عيد: “رغم أن الصورة تبدو لأول وهلة قاتمة وسوداوية، فإن المتابع بدقة للوضع العام في العالم العربي، سيكتشف أن القمع الشديد يعني وجود مقاومة شديدة، وأن الشباب العربي اكتسب وعياً ومعرفة وتمسكاً بحقوقه، لا سيما حرية التعبير على الإنترنت، وهذا يعني أن الصراع من أجل حكومات ديمقراطية لم ينتهِ بعد”.

نشر الموضوع على موقع رصيف22 بتاريح 05.05.2015

نقاش مع البروفسور عبد الودود ولد الشيخ

البرفسور والشباب
البرفسور والشباب

التلوث ينخر عقولنا وأجسادنا، فعوادم السيارات ودخانها والأوساخ بأنواعها وأشكالها تغزو عالمنا الموريتاني الصغير، وخطابات الجنرال المسمومة الباعثة على البلاهة والإحباط، تطارد مسامعنا بغية خنقنا، وحين نجد فرصة لتنظيف أنفسنا من درن هذا الواقع الموغل في وحل الرداءة ، يكون تفويتها بمثابة السير نحو أفق الانتحار، لذلك لم أستطع تفويت حضور الدكتور عبد الودود ولد الشيخ،عالم الاجتماع الموريتاني، للقهوة التونسية بنواكشوط وسعيه لنقاش بعض الشباب الحالم بغد أفضل، وطبعا لم أستطع ترك الفرصة تفوت من دون تسجيل قبسات من كلامه.
اَتانا الرجل في زي وإطلالة توحي بالتواضع الباهر، غير متكلف ولا متشجنع على غير عادة”نخبتنا”الجميلة المصابة بجنون العظمة(لا أعرف ماذا غرها رغم أن اسهامها في تطوير العقل البشري شبه معدوم، بل معدوم؟!)، وقد تميز خطابه بهضم واضح للذات وخصلة أخرى تندر في شعبنا”العظيم”، وهي، حضور” لا أعلم” و”لا أعرف” و”النسبية” وقلة الوثوقية.
بدأ النقاش بشكل عفوى واستمر على نفس النهج الجميل، سألته عن وجهة نظره في تصاعد التشدد في بلدنا، رغم أن فترة السبعينيات وحتى ما قبلها حسب ما حكي لي كانت تشهد انفتاحا، مثلا، كانت العائلات تذهب للسينما وكان هناك نقد ساخر يقدمه همام لو قام به أحد اليوم لاتهم بأشنع التهم، واليوم نعيش في ظل حالة من التردي فكلما تكلما أحد أو قام بعمل فني قامت الصرخات المتشنجة وبدأت المطالبة بوضع حد له، وقد عزى ذلك إلى هجرة أهل الريف إلى المدينة واكتظاظها، والضغط الذي حدث على المدارس وعدم وجود استراتيجية للتعليم تستوعب الجميع، وضعف مناهج التعليم، وحضر أيضا فيلم تمبكتو للمخرج عبد الرحمن سيساغو في النقاش، حيث قال أن النقاد الغربيين اعتبروا أنه قدم”الجهاديين” في ثوب انساني، واستغرب الحملة التي شنت عليه، وشمل النقاش عدة جوانب، مثل الجيش والقبيلة والطبقات المهمشة وحراكها.
فقد تحدث عن كتابه القبيلة والدولة في افريقيا، حيث قدم عرضا مختصرا للكتاب الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات ضمن سلسلة أوراق الجزيرة، وتحدث عن نظرة التطوريين بزعامة مورغان للقبيلة بالاضافة لرؤية للماركسيين، والتي تقول أن القبيلة نظام سابق للدولة، وتحدث عن إشارته إلى بن خلدون في الموضوع، و قال أنه تحدث كذلك في كتابه عن المدرسة الوظيفية التي تعتبر القبيلة مناقضة لنظام الدولة، وأكد على أن أهم مافي الكتاب هو أنه ببليوغرافيا لأهم المذاهب والمفكرين الذي اهتموا بالموضوع، وكان أغلبهم أجنبيا، وتحدث كذلك، وقال أنه قدم مفهوم الدولة انطلاقا من نظرية ماكس فيبير، التي تقول أن: “الدولة كيان سياسي يستطيع أن يتحكم في الاستخدام المشروع للعنف في إطار جغرافي معين على مجموعة معينة من الأفراد”.
تحدث البروفسير عبد الودود عن الإمارات التي كانت تسيطير على الفضاء الموريتاني قبل ميلاد الدولة الحديثة، حيث وصفها بالدولة الجنينية، أي نواة للدولة، وتحدث عن وجود سلطات: تنفيذية وقضائية في تلك الإمارات رغم أن ذلك لم يخرج عن نطاق العصبية القبلية. وقد قال أن البعض ذهب إلى تشبيه تشرذم القبائل بتشرذم التروتسكيين، وأكد على أن هناك من يقول على أن القبائل لا تقوم من دون الحروب والصراعات، فقد وجدت لذلك الغرض، وأكد البروفسور على أنه ينبغي تحطيم البنى المعارضة للدولة حتى نتحدث عن قيام دولة حقيقية.
حوار البروفسور الشيق، وصل أيضا إلى ظاهرة المطالب الفئوية، خاصة فئة الحراطين ولمعلمين واعتبر أنه أمر طبيعي وناتج عن تفكك البنى التقليدية في المجتمع وكذلك لولوج أبناء هذه الطبقات المهمشة إلى التعليم وانتشار الانترنت،وكان البروفسور، تحدث في بداية كلامه عن الخطاب الذي يصدر من حركة انبعاث الحكة الانعتقاية( إيرا) ووصفه بالطبيعي في معركة استعادة الحقوق والديمغاوجية التي تطبعه مطلوبة وتكتيك معروف حتى ولو تميزت ببعض التهويل والكذب لكنها مطلوبة من أجل الضغط.
الحوار حضره بعض مناهضي الحكم العسكري في موريتانيا وبالتالي حضرت أسئلتهم ومن ضمنها، ماهو الجيش الموريتاني؟، وكان رد البروفسير، هو أن بعض الدراسات تقول أن الجيش هو النواة الصلبة التي تتشكل أساسها الدول وأنه عبارة عن هيئة تعاقدية أو أخوية لها طابع مميز عن بقية الشعب أو ما يشبهها، وأردف قائلا:”تأخذ الجيوش شكلها النهائي وتتبلور بعد خوضها لكثير من الحروب وتقديم الكثير من التضحيات من أجل شعوبها، حتى تجد مكانا في وجدان شعوبها، فتجد تماثيل لقادتها التاريخيين وشوارع بأسمائهم، مثل شارع ديجول وشارع نيلسون، وأن الجيوش ترى أنها وصية على دولها، أما بخصوص وضعنا في موريتانيا فذلك لم يحدث منه شيء وأضاف ساخرًأ:”من يشاهد زي الجيش يلاحظ العبثية وعدم النظام المعروفة عن الجيوش في العالم”، وتحدث عن التكوين وقال:”قد تكون ثقافة الجيوش ترسخت في عقول من تكون في الغرب لكن بخصوص من تكون في المشرق أظن أنهم طبعوا بالتسيس، والجيش تحول إلى منصة للوصول للسلطة، مثلا، البعثيين والناصريين وغيرهم، دخلوا الجيش من أجل الوصول للسلطة عبر الانقلابات”وخلص إلى أنه يعتقد أن حال الجيش لا يختلف عن حال المجتمع المطبوع بالطابع العشائري والقبلي.
وطبعا حضرت الانتخابات، فقد تحدث البروفسور عن الانتحابات، وقال:”الانتخابات في إفريقيا لم تكن نتاج محلي بل جاءت بإملاء خارجي، خاصة ما يسمى إفريقا الفرنكو فونية، حيث قام فرانسوا ميتران في خطابه الشهير بمطالبة الدول الدول الإفريقية بالانتقال إلى الديمقراطية حتى تستفيد من الدعم الفرنسي، حدث ذلك كأحد مخرجات سقوط جدار برلين وانتهاء الصراع بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي، هذا جعل الأنظمة تنتقل إلى محاولة خلق تعددية ولو شكلية، وحسب ملاحظتى، يقول الدكتور:” ذلك الوضع لم يأتي بشيء مهم، فقد خلقت تلك الحالة عودة قوية للطرح العشائري والقبلي”، ويضيف عبد الودود قائلًا:”بالنسبة لوضعنا فقد قمت بدراسة للتعاون الفرنسي حول الحالة المدنية، زرت فيها مناطق موريتانية عديدة، ومن المفارقة، زرت عائلة وسألتها إن حدث وتوفي منكم أحد هل ستبلغون الحالة المدنية، فكان ردهم، تريد أن نموت وندفع أيضا(هناك رسوم تدفع عن شهادة الوفاة)”، وأضاف:” حسب اعتقادي نحن في شعب لا يموت منه أحد، وذكر قصة في سوباولو، حيث قام العمدة بإصدار تعميم مكتوب فيه(هذه المدينة محرمة فيها الموت)، وهذا يعني أن الحالة المدنية والانتخابات لم يصل لمرحلة لها نتيجة، فتطغى عليه الصبغة العشائرية والقبلية، مثلا تقول لك جماعة قبلية نحن أعطينا كلمة لفلان”.. وخلص إلى أن هناك تشائم لدى الجميع وشبه قناعة بأن الانتخبات في بدلنا لا يمكنها تبديل نظام الحكم، وهذه قناعة لديه هو أيضا.
وتحدث عن مشاركته بيير بونت في دراسة أثبتت وجود انتماء طبقي في السبعينيات في أوساط العمال، فعندما يسأل الواحد منهم الآخر يقول له: ماهي درجتك العملية؟ بدل ماهي عشيرتك؟، لكن المشهد تغير الاَن ويسيطر عليه الطرح القرابي والعشائري وهذه انتكاسة، لكن تساءل في حديثه عن إضراب (سنيم) حول إمكانية عودة تلك الروح القديمة لدى العمال والتي كانت نتيجة لنضالات مشتركة، فذلك هو الطريق نحو أي تغيير جذري.
لم يخلو الحديث من نقاش الهوية، خاصة الأصول والرافد البربري للهوية الموريتانية، فقد بدأ حديثه بتأطير لإشكالية الأصول وقال أن أدلجتها لا تخص موريتانيا فقط، فقد تحدث عن كتاب مورمون وعن الدين الناشئ في القرن التاسع عشر على يد جوزيف سميث، الذي قال: أن البشرية منحدرة كلها من اَدم وحواء وأن من استطاع ايجاد سلسلة لنسب لاَدم بامكانه أن يقوم بطقوس لسترجع مكانه في الجنة”، وأتباع هذا الدين لديهم نسب البشرية كلها ويقال أن لهم دور كبير في تطوير المعلوماتية، وخلص إلى أن قضية الأنساب مجرد قصة حبكها الناس ولا أساس لها، فتتبع أنساب الأشخاص أمر مستحيل، ورد على سؤال حول قضية الوجود البربري في موريتانيا، وقال:” هنا لم يعد هناك من يقبل أنه بربري، لكن حسب ابن خلدون فان كلمة صنهاجة هي تعريب ل(أزناكة) وليس العكس، لكن هؤلاء الناس لا يقبلون أنهم بربر رغم أن لغتهم هي أكلام أزناكة(كلام أزناكة هو إحدى اللهجات المشكلة للغة الأمازيغية) الذي مازال موجودا بشكل ضئيل وهم أكثر سكان هذه المنطقة قبل مجيء قبائل بنى حسان، وقد حدثت عملية انصهار بين تلك القبائل وقبائل بنى حسان لم يعد بالامكان التفرقة بينهما، وسبق ذلك احتكاك بين قبائل صنهاجة وبربر جنوب المغرب.

انتهى اللقاء بالتقاط الصور وبفتح نقاشات جديدة بين الشباب وقطعا ساهم في تنظيف بعض العقول لكنه ترك غصة في نفوس الشباب لكون أمثال البروفسور لا يجدون التقدير اللازم في وطنهم، فعبد الودود ولد الشيخ يعيش في فرنسا منذ أكثر من عشرين سنة.

لقاء الجنرال وحجب المعلومات

صورة من التلفزة الموريتانية بعد قطع البث أثناء اللقاء
صورة من التلفزة الموريتانية بعد قطع البث أثناء اللقاء

انتهى جزء جديد من عروض الجنرال الهزلية التافهة، تلك العروض الكاشفة دوما لمدى ارتباك طرحه وضئالة احترامه، ومستوى احتقاره للمواطنين، لم أشاهد جل اللقاء وذلك عن سبق إصرار وتعمد، فأنا لست من المحبين لسماع الكذب، لكن سمعت بالصدفة ومن دون قصد، الصحفي أحمد ولد وديعة يطرح إشكالية مهمة وهي حجب المعلومات عن الصحافة، وسمعت الرد التافه من قبل الجنرال ولد عبد العزيز، الذي قال نحن نحجب عنكم المعلومات عن قصد خوفًا من تحريفها، فقد كان يحاول كعادته التهرب ببلاهة، من يخبر الجنرال التائه أن حق الولوج إلى المعلومة من أبجديات حقوق الانسان بل يعزز بقية حقوقه؟، من يخبره أن للمواطن الحق في الاطلاع على ما يحصل في مؤسسات دولته فما بالك بالصحفي الذي يعتمد عمله على المعلومات وأي حجب يعد تعديا على حقوق الانسان؟

متى تبدأ صحافتنا المستقلة ومجتمعنا المدني النضال من أجل انتزاع ذلك الحق؟ ومتى تتوقف المراحيض الألكترونية  عن حديث حرية التعبير في بلد تحجب فيه المعلومات؟ فالإدارات  والمرافق العمومية  تتلكأ بل ترفض التعاطي مع الصحفيين حين يحاولون استفسارها في أمر يخصها والمواطن أصلا لا مكان له من الإعراب في أجنداتهما، وفي دولتنا لا يوجد قانون يفرض حق الولوج إلى المعلومة رغم أن الكثير من دول العالم أصدرت قوانين تفرض ذلك الحق ومن بينها دول إفريقية تجاورنا، مثل تونس، ونيجيريا، لذلك يعد الحديث عن حرية التعبير ضربا من ضروب الخيال العلمي وتجديف غير مستساغ، فحق الولوج إلى المعلومة هو الضامن الأول لعملية مراقبة المواطن لممثليه في البرلمان والإطلاع على مستوى عمل موظفي الدولة ومدى نجاعة الحكومات في تسيير شؤون بلدانها، وهو أهم ركيزة في الحكم الرشيد لما يتيحه للمواطن من قدرة على مساءلة حكومته عن بينة  ووعي ويمكن الصحفيين والمنخرطين في منظمات المجتمع المدني من كشف مواطن الفساد والممارسات الملتوية في الإدارة، فانفتاح الإدارة يساهم في مكافحة الفساد فالانفتاح والشفافية وتسهيل المعلومات للمواطنين أمور تساعد في تقليل الشائعات التي قد تضر المواطن والإدارة وحجب المعلومات يطلق لها العنان. فحق الولوج إلى المعلومة هو أكسجين الديمقراطية وإكسيرها، وتؤكد المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية هذا الحق، ومن مظاهر عدم اهتمام نظامنا بحق المواطن في الولوج إلى المعلومة، حالة مواقع الوزارات والمرافق الرسمية على الشبكة، فنجد اَخر تحديث لبعضها  تم قبل سنين وبمعلومات تافهة، بل أن بعضها لم يحدث أصلا وظل مجرد صفحة فارغة من المحتوى وحتى أن تأمينها ضد القرصة باهت كحال حكومتنا، فقد تمت قرصنتها لأكثر من مرة، فحالها منافي لأبجديات حوكمة الأنترنت التي تفرض على الحكومات توفير البيانات الحكومية للجمهور، بشكل سهل ومريح للتصفح.

وبالرجوع للقاء الجنرال نكتشف مدى استفحال ثقافة الحجب وسيطرتها على تفكير الرجل(وهذا أمر طبيعي فهو جنرال لا يعرف سوى الأوامر العسكرية ومكانه الثكنة لا سدة الحكم والسياسة)، فقد جعلته مداخلة الصحفي أحمد ولد الوديعة  في بداية اللقاء يأمر بقطع البث  فورًا كنوع من محاولة التعمية على ما يجرى،  في غياب تام لأي مظهر من مظاهر الشفافية.

 

الحرية لرائف بدوي

رائف بدوي
رائف بدوي

شبكات التواصل الاجتماعي تتضامن هذه الأيام بشكل لافت مع المدون السعودي رائف بدوى، فالتغريدات والمناشير المناصرة له تكتسح تلك المواقع، فقد تم النشاط بكثافة على الأوسام التالية:
#‏الحرية_لرائف_بدوي
#جلد_رائف_بدوى
#FreeRaif.
وكان القضاء السعودي قد حكم على رائف بدوى من فترة بالسجن لعشر سنوات والجلد 1000 جلدة، وتهمة رائف هي تأسيس شبكة لليبراليين السعوديين وانتقاد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتمت تبرئته من الردة عن الإسلام والتي يعاقب عليها في السعودية بالاعدام، وقد بدأت بالفعل عملية جلد رائف (تم التوقف مؤقتا عن جلد رائف بسبب وضعه الصحي)، ليجدد النظام السعودي عهده مع التعبير عن التطرف والوحشية التي تطبعه، فرائف لم يحمل سلاحًا ولم يقتل لفرض فكرة.
يبلغ رائف بدوى 31 سنة وهو متزوج من الناشطة انصاف حيدر ولديه ثلاثة أبناء.

قضية رائف بدوى تأخذ الاَن زخماً دوليا وقد عبرت عدة منظمات حقوقية عالمية عن امتعاضها من عملية الجلد والحكم بشكل عام، مثل منظمة العفو الدولية.

قضية رائف بدوى كشفت الكثير من التناقض لدى بعض النخب السعودية والعربية ولدى النظام السعودي أيضا، فالنخب الليبرالية السعودية والعربية تقدم نفسها كمحاربة لكل الأفكار المتطرفة والمتعصبة وتنتقد تنظيم داعش في الصباح والمساء وأعلنت أنها شارلي وضد أي تعامل عنيف لمجابهة الأفكار، وهاهي اليوم تسكت على عملية جلد رائف بدوى وسجنه لعشر سنين، بسبب اَرائه وغير بعيد من ذلك الموقف، نجد النظام السعودي يدخل في حرب ضد إرهاب داعش ويتهمها بالوحشية، وقد شارك سفير المملكة في مسيرة باريس المنددة بحادثة شارلي، ويقوم في نفس الوقت بقمع الأصوات المخالفة له وبنفس طريقة داعش، وهو تناقض غير مستغرب من النظام السعودي فقد دأب على قمع مواطنيه وتقديم نفسه كمحارب للإرهاب في العالم.
قصة رائف بدوى تفرض على كل صاحب ضمير حي يرفض تعنيف الانسان بسبب اَرائه، أن يعلن التضامن معه، لأنها باختصار جريمة في حق الانسانية وقيمها، فرائف يدفع اليوم ثمن محاولته الانتفاض على حالة القمع في بلده، الحرية لرائف وللكلمة الحرة في السعودية وكل بلدان العالم العربي، ويستمر النضال حتى انزياح أسوار القمع.

حوار مع “مثقف”!

سارتر وفوكو في مظاهرة وحالة نضالية رائعة
سارتر وفوكو في مظاهرة وحالة نضالية رائعة

قابلت قبل أيام أحد الوجوه المعروفة في المشهد “الثقافي “الموريتاني و بدأ بتحليل تجربتنا في 25 فبراير، حيث قال لي :

“كان سبب فشل حراككم وانتفاضتكم هو أنه لم تسبقه تراكمات مثل ما حدث في مصر… فالثورة المصرية كانت نتاج لعمل تم على سنين وتمخض عن انتفاضة شعبية ،وكانت نتيجة لتضافر جهود الشباب والنخبة المثقفة وأصحاب التجارب الكبيرة” ،وحدثني عن حركة كفاية وتجربة 6 إبريل، و تلاقح الأفكار بين كل التيارات، و تبادل الخبرات بين الأجيال “. متابعة قراءة حوار مع “مثقف”!

ملتقى المدونين العرب : في انتظار رحلة العودة

مع الرابير المغربي معاذ الحاقد المعتقل الاَن
مع الرابير المغربي معاذ الحاقد المعتقل الاَن

‫لملمتُ أشيائي، وأنتظر الآن الحافلة التي ستوصلني إلى مطار علياء الدولي من أجل العودة إلى نواكشوط، تلك الرحلة الطويلة المتعبة. وبدأ شريط ذكريات ملتقى المدونين العرب يسيطر على ذهني. سأحاول أن أشارككم بعضها معي الآن بدون ترتيب كما فعلت في التدوينتين السابقتين عن اليوم الأول والثاني لأن أفكاري الاَن مبعثرة بين عمان ونواكشوط، بين لهفتي للرجوع للرفاق وحزني على ترك من تقاسمت معهم أجل اللحظات.

الجلسة الختامية لمؤتمر المدونين العرب

بعد ثلاثة أيام مغلقة على المدونين كانت غزيرة بورش العمل المفيدة والنقاشات البناءة، تم اليوم اختتام ملتقى المدونين العرب بجلسة مفتوحة للصحافة للمهتمين بالمؤتمر. ونظمت خلال هذه الجلسة العديد من الحلقات النقاشية، حيث قام بعض المدونين المخضرمين بمناقشة واقع التدوين العربي وتحدياته، منهم ناصر ودادي من موريتانيا ومحمد الجوهري من مصر ومالك الخضراوي من تونس وأدارت الجلسة المدونة السورية ليلى نشواتي.

بعد ذلك نظمت مناظرة بعنوان “الرقابة لم تعد تهم؛ المراقبة على الانترنت هي المشكل الآن” وكان المدون المصري أحمد غربية مع الفكرة والناشط اليمني وليد السقاف يمثل الجناح المضاد.

ونظمت بعد ذلك جلسة تحمل عنوان “فنانو الثورة، الثقافة المضادة” وتحدث فيها الفنان اليمني أحمد عسيري والمدونة السورية ليلى نشواتي بالإضافة إلى رضا زين من المغرب، قدم خلالها كذلك مغني الراب المغرب معاذ المعروف بالحاقد أغنيته التي سجن بسببها في المغرب. لتبدأ جلسة أخرى تحت عنوان “رياح النشاط الرقمي المتحولة” أدارها الصحفي اللبناني أنطون عيسي وتحدث فيها كل من المدون اللبناني بطاح، الصحفية المستقلة عبير قبطي، Oximity.com تولين دالوجلو، المونيتور،بعد انتهاءها انتقل النقاش إلى موضوع تحت عنوان حوكمة الانترنت : هل تهم فعلا في العالم العربي ؟ تحدث فيها كل من محمد نجم، موقع سمكس وفاء بن حسين فهد بطاينة، منظمة الايكان ICANN عابد شملاوي، الجمعية الاردنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

واختتمت الجلسات مع نقاش تحت عنوان ناشط -صحفي والتي تحدث فيها كلن من أسماء الغول، المونيتور لينا عطا الله، مدى مصر لينا عجيلات من الأردن عفاف عبروقي من الأصوات العالمية.

حفلة حبر

بعد انتهاء أعمال الملتقى انتقلنا الى مقر مجموعة حبر وكان الفلكلور الأردني ينتظر قدومنا ليقدم نفسه ملهما وباعثا للحياة، فرقصة الدبكة أخذتنا بألقها وألهمتنا وفرضت على الجميع التفاعل مع حركاتها وبعد ذلك قدم لنا مجموعة من المبدعين الأردنين عرضا كوميديا ساخر وساحر تحت عنوان الباشا،لنحلق بعد ذلك مع مغني الراب الأردني طارق أبو كويك المعروف بالفرعي …فقد سافرت بنا كلمات أغانيه إلى كل أقطار عالمنا العربي وشخصت لنا سبب خيبتنا أكدت وجهة نظرنا في أنظمتنا فكان صوت المطحونين والغاضبين والثائر المخلص وانتهت الحفلة بلحظات الوداع وعناق الفراق الذي أكره.

عرض عن موريتانيا

قمت بتقديم عرض عن الوضع في موريتانيا وذلك أثناء حلقة نقاشية أدرتها مع المدون والناشط الحقوقي البحريني محمد المسقطى وكانت تحت عنوان “دول خارج نطاق التغطية (موريتانيا والبحرين كنموذج ) وكان ذلك باليوم الثالث من أيام ملتقى المدونين العرب.حيث اكتشفت كالعادة أن العرب ليس لديهم إي المام بمايحدث في موريتانيا،وخلال هذه الحلقة النقاشية خرجنا بمقترح وهو أن نحاول خلق تشبيك بين المدونين العرب من أجل التعاضد في القضايا وكذلك التدوين شهريا عن إحدى القضايا الملحة في أحد البلدان العربية.

لامكان في عمان للمدون السوري جواد شربجي

للأسف لكل الأمور وجهان، واحد يبعث على الأمل، وآخر يحبط ويزعج لحد الغليان. وهذا ماحدث في ملتقى المدونين العرب في عمان. فقصة منع المدون والناشط السوري جواد شربجي من دخول عمان هي الوجه التعيس للملتقى…فقد أحزتني الحروف التي أرسل لنا عن منعه حيث قال:

“مرحبًا يا أصدقاء

أنا الآن في بيروت عائدًا، بعد تجربة مميزة قضيتها لمدة 7 ساعات في معتقل الملكة عليا الدولي، لم أر خلالها سوى الصحراء وبعض رجال الأمن من أصحاب النفسيات المريضة.. سعدت حقًا بتلك التجربة، تعرفت خلالها على العديد من السوريين القادمين من بلاد مختلفة، والذين ينتظرون نداءً يخرجهم من تلك الغرفة، ذكرتني تلك الساعات بأيام البهدلة في الخدمة العسكرية 🙂

الآن أنا حزين جدًا إذ لم استطع الاجتماع بكم، لقد كنت أتابع معظم الرسائل والنقاشات التحضيرية، وكنت متحمسًا للجلوس إليكم وتبادل الحديث والخبرات.. لكن الله أراد غير ذلك..”

إلى اللقاء يا عمان… سأشتاق لكم أيها المدونون الرائعون

غرق نواكشوط

صورة لتأثير الأمطار على مدينة نواكشوط العام الماضي
صورة لتأثير الأمطار على مدينة نواكشوط العام الماضي

التقارير والدراسات التي تفيد بأن أيقونة العواصم العشوائية في العالم نواكشوط مهددة بالغرق في ظرف عشر سنوات تسبب الأرق والهلع بين الذين ابتلاهم الله بسكنها والارتباط بها .

خاصة أن بوادر غمر مياه المحيط لهذه المدينة الشيطانية بدأت تتجلى فالمياه أصبحت تخرج من باطن الأرض في  بعض مقاطعات المدينة…أصبحت تخنق حياة الناس وتجعلهم يهاجرون إلى أماكن أخرى في انتظار الغرق الأكبر…حيث ستنطلق مياه المحيط  الأطلسي في رحلة غدر لتغرق نواكشوط وتتجاوزه إلى الكلم 150 شرقا حسب رأي الدكتور زغلول النجار وخبراء دوليين  .

لكن ليس غمر المياه هو ما يهدد مدينة نواكشوط  فقط… بل  هناك طوفان وفيضان اَخر يهددها وهو الظلم والقهر …طوفان أخطر وأكثر بشاعة وفتكا …طوفان مليء بالمآسي …مائه حارق وماحق .

ففي مدينة الأشباح  نواكشوط لاتخلوا نقطة مرور من ذلك الطفل الوديع المتهرئ الثياب ذا العيون الذابلة التي تحكي ظلم أهل المدينة وهو يحمل خردة علبة طماطم يستجدي عطف الناس لكي يعطوه ما تيسر من نقود  لا لنفسه بل لذلك الشيخ الظالم الذي أرسله ليقتات من بؤسه ولا يخلوا مراَب لإصلاح السيارات من ذالك الطفل الذي تورمت خدوده بسبب صفعات صاحب المراَب و تأكسدت قريحته من كثرة الشتائم التي يتلقى .

أيضا كلما خطت قدماك في هذه المدينة صادفت ذلك الطفل الغاضب بالفطرة المحروم من التعليم  وهو على ظهر عربة لنقل أوساخ أهل المدينة …تلك الأوساخ التي تحوى دائما ما يحتاجه ذالك الطفل ليكمل نهاره من طعام وكلما كنت أكثر حبا للاستكشاف لابد أن تجد تلك المنطقة التي يعيش سكانها في صراع مع الطبيعة والدولة والحظ العاثر …

تلك المنطقة المسماة “الكزرة ” حيث يعيش أغلب فقراء هذه المدينة حيث تحكي قصة الهجرة من مدن الداخل إلى نواكشوط بعد الجفاف الذي ضرب أجزاء واسعة من البلاد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ، وذلك بعد أن فقد السكان مصادر الحياة الأساسية في بواديهم  .

حيث يعيش سكانها في انتظار اليوم الذي يمتلكون فيه قطعة أرض ومسكن يقيهم حر المدينة وغبارها …مسكن يحميهم من كلاب المدينة الضالة يحفظ كرامتهم وآدميتهم .

ينتظرون اليوم الذي يشربون فيه الماء من الحنفية بعد أن قضوا حياتهم يطاردون ذلك الحمار الذي يقدم لهم السقاية…ينتظرون ذاك الماء الملوث المسبب لشتى أنواع السقم … يعيشون على أمل أن يناموا يوما واحدا وهم لا يفكرون كيف سيسكتون جوع أطفالهم وكلما اقتربت من أكواخ  وبيوت الأحياء العشوائية لفحتك نار غصاة وأنفاس المطحونين القاطنين فيها وفي هذه المدينة الظالم أهلها على الفقير أن يقدم الرشوة وينعق النعال لكي يحصل على حقه وفي كثير من الأحايين لا تنفعه لا رشوة ولا تملق في أخذ ذالك الحق وفي مدينة الأشباح تشهد الشوارع على قمع كل من يفكر في الاحتجاج على ظلم أباطرتها للمسحوقين…

ففي مدينة نواكشوط على الفقير أن يظل ساكت على الظلم حتى يترك يتنفس الهواء .

كل هذه المظاهر تنذر بغرق المدينة في طوفان من الدم والإجرام فأطفالها هم مجرمي و حاقدي الغد فقد حرم أغلبهم من التعليم فالأطفال يمثلون ربع العمال .

وفقرائها لابد أن يضيقوا ذرعا من الظلم وينتفضوا ويقتلوا الخوف فيهم ويسحقوا من يظلمهم …لابد أن يثأروا لسنينهم  التي ضاعت في مهب الريح بسبب الظلم … تلك الانتفاضة التي إن تأخرت ولم يكن للنخبة فيها دور قد تكون دامية تفضى إلى غرق المدينة في نهر من الغل  .

يبدوا أن غرق  المدينة  أمر حتمى وأنه عقاب على تأسيسها على أساس خاطئ بداية من اختيار الرعيل الأول لموقعها عام 1957. حيث كان الموقع في منطقة صحراوية منخفضة تطل على المحيط الأطلسي ،ونهج حكامها في ما  بعد نهج الفساد وطحن السكان وتوسيع دائرة المسحوقين  فيها .

لكن لو واصلت النخب نضالها و كانت على  قدر اللحظة  التاريخية قد تنجح في  أن تنقذ  على الأقل سكانها من الغرق في دماء الحقد بثورة سلمية تأسس لحياة أفضل ومدينة أجمل .

ماديبا الانسان

مشاركتي في تأبين لمانديلا نظم في نواكشوط أيام وفاته
مشاركتي في تأبين لمانديلا نظم في نواكشوط أيام وفاته

من وسط غبار الطغيان والعنصرية والكراهية واحتقار الانسان وغيوم أسطورة تفوق الرجل الأبيض ودونية الأسود وسيطرت الخرافة والجهل…خرج ذلك المارد الأسود وأعلن ثورته على الظلم و التمييز العنصري…تقلبت أحواله و أفكاره من اليمين إلى اليسار وصقلته التجارب حتى أصبح انساناً يسمو فوق العرق واللون والدين…تخلص من فكرته المسبقة عن بعض التوجهات الفكرية فقد كان ينظر بالريبة للشيوعيين ويعتبر فكرهم غريبا على بلده الإفريقي و لكن بعد احتكاكه بهم ونقاشه معهم أصبح معجباً بطرح كارل ماركس و فريدريك أنجلز و رافقهم و دعموا نضاله واحتضنوه داخلياُ وخارجياً…عارض اتفاقية الدفاع عن حرية التعبير في جوهانسبرغ التي اطلقت سنة 1950 المكونة من نشطاء أفارقة وهنود وشيوعيين و التي دعت إلى إضراب عام ضد نظام الفصل العنصري و السبب أن المبادرة ليست بقيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لكن بعد دراسته للتجربة عرف أنه أخطاً ولم يكابر و وضع يده بعد ذلك في يد نشطائها واَمن بضرورة العمل مع الجميع وأممية الإنسان وضرورة الاعتراف بالتنوع والاَخر…ناضل سلمياً سنين عديدة وحين تبين له أن الكفاح المسلح أصبح ضروريا وأن الوقوف في وجه عنف الدولة العنصرية يتطلب السلاح واستخدام القوة شارك عام 1961 في تأسيس حركة مسلحة تحمل اسم «اومكونتو وي سيزوي» (“رمح الأمة”، يختصر MK)…رفض أن يساوم على نضال شعبه وكان صوته الصادق و رسوله إلى العالم وأقنع نضاله البشر في أرجاء المعمورة…لم يفكر يوما في مصلحة ذاتية وصبر على السجن والعذاب سنين عديدة واَمن بطول النفس في النضال،و لم يترك للاحباط فرصة ليتسلل إلى خلجات نفسه الثائرة، فقد قال في كتابه (مسيرة طويلة نحو طريق الحرية):

“لم يدر في خلدي قط أنني لن أخرج من السجن يوماً من الأيام،وكنت أعلم أنه سيجئ اليوم الذي أسير فيه رجلاً حراً تحت أشعة الشمس والعشب تحت قدمي ؛ فإنني أصلاً إنسان متفائل، وجزء من هذا التفاؤل أن يُبقى الإنسان جزءاً من رأسه في اتجاه الشمس وأن يحرك قدميه إلى الأمام . وكانت هناك لحظات عديدة مظلمة اختبرت فيها ثقتي بالإنسان بقوة ولكنني لم أترك نفسي لليأس أبداً . فقد كان ذلك يعني الهزيمة والموت”.

تعلم من تجاربه وقيمها و لم يكن يتعصب للفكرة ولا للرأي فحين تقنعه بفكرة  كان يسير خلفها ويعمل من أجل نجاحها.
وحين تبين له أن هناك أمل في أن تقوم مصالحة وطنية في وطنه لم يتعصب و لم ينتصر لنفسه وكان صوت الحكمة والتضحية، لم يحاول الانتقام بل كان مثالاً للانسان المتسامي صاحب النظرة المستقبلية و لم يجر أحقاد الماضي لطاولة الحوار،و لم يسمح لها بالدخول في تفاصيل الجلسات.
وحين خول له نضاله الوصول إلى الكرسي و حكم وطنه لم يتجبر ولم يغتر وحاول أن يمثل حكمه نموذجا للتعايش والتشارك في الوطن،ولم يحاول أن يمكث في الحكم ولا استغلال تاريخه وعاطفة شعبه نحوه وترك للأجيال القادمة الفرصة في الحكم وذهب من بعد فترة رئاسية واحدة .
وحتى في هرمه وشدة وطأت المرض عليه وخروجه من إطار ودائرة السلطة لم يترك خدمة الشعب فقد ظل مواطناً مبادرا من أجل شعبه و دأب على مساعدة الفقراء والمرضى فيه و كل من يحتاج للعطف والحنان.
حاول قدر المستطاع أن ينقل قيم تجربته النضالية إلى أصقاع الأرض و أن يدعم الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعمار والطغيان،فقد كان داعما شرسا لنضال الشعب الفلسطيني وصوتا من أصوات الشعوب التواقة للحرية في قارته السمراء المثقلة بالجراح والماَسي …
إنه روليهلاهلا ماديبا أو” نيلسون مانيدلا” أيقونة النضال من أجل كرامة الإنسان في جنوب إفريقيا والعالم ،ذلك الرجل الذي تبكيه البشرية اليوم لا لماله ولا لسطوته، إنما لكونه اختار أن يكون انسانا فقط.

مصادر :
ويكيبيديا
كتاب :مسيرة طويلة نحو طريق الحرية 

الديمقراطية الموريتانية في مأزق جديد

10441268_646089355475868_6531200626538867013_n
مسيرة المعارضة المقاطعة للانتخابات4 يونيو،نشرتها صفحة شباب التكتل

شهدت موريتانيا  في يونيو 21 انتخابات رئاسية  مثيرة للجدل ومرفوضة من قبل الطيف المعارض. النتائج أظهرت بأن الجنرال الحاكم محمد ولد عبد العزيز حصل على 81% من الأصوات و أن صاحب المرتبة الثاني، بيرام ولد الداه ولد أعبيدي،  لم يتجاوز رصيده 8%، وتتضارب القصص حول حقيقة نسبة المشاركة. المعارضة  أكدت حصول تزوير بشكل شنيع لصالح عبد العزيز مشيرة الى ان نسبة المشاركة لا يمكن أن تتجاوز 35%، علماً ان الاقبال كان ضعيفاً و المشهد الانتخابي كان خالياً من أي مظاهر للطوابير الطويلة،  وهذا الامر يعد سابقة تاريخية. كما انها ادّعت بأن أكثر من سبعمائة ألف مواطن موريتاني يحق لهم التصويت لم يسجلوا أصلاً على اللوائح الانتخابية، وتحدثت عن عودة مخجلة للتزوير البدائي مثل ملئ الأصوات وتصويت الأفراد من دون هوية وايضاً اقتراع مواطنين بأسماء اَخرين لم يحضروا لمكاتب الإقتراع. أما النظام،  فادعى بأن الانتخابات كانت شرعية، وأكد بأن المواطنين حضروا  بكثافة، مضيفاً بأن نسبة المشاركة بلغت 56%. لكن وسائل إعلام  دحضت تلك النسبة بسرعة، و بحسب بعض التقارير، فان اللجنة المستقلة للانتخابات أعلنت قبل الاستحقاق الانتخابي بأن عدد المسجلين بلغ 1,415,138، لتظهر النتائج المعلنة  بعـد يوم التصويت  أن عدد المسجلين  بلغ 1,328,138، مما يوضح  أن أكثر من 86 ألف ناخب شُطبت أسماؤهم لأسباب مجهولة  ومريبة. هذا الامر طرح أسئلة عديدة حول شرعية الانتخابات التي أثارت العديد من الشكوك في أوساط المعارضة منذ البداية.

نظام عبد العزيز أصرّ على تنظيم انتخابات أحادية من دون أن يقدم أي تنازلات للمعارضة أو أي ضمانات للشفافية، وظل يتهمها بالعمالة والفساد. وبعد ان تبيّن بأن النظام الحالي مصرٌ على المحافظة على نهجه التسلّطي، أعلن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة – الذي يضم احزاب معارضة – مقاطعته للانتخابات وأطلق حملة دعى فيها المواطنين للتعبير عن رفضهم لما أسماه “المهزلة الانتخابية”. حملة المقاطعة كانت مؤثرة:  أجواء الحملات الانتخابية كانت باهتة جداً وكانت نسبة حضور مهرجانات المرشحين ضعيفة جداً، وبحسب بعض التقارير لم يسلم من ذلك عبد العزيز الذي صدم من قلة الحضور في مهرجانه الذي اقيم في العاصمة نواكشوط.

الانتخابات الاخيرة  كانت عبارة عن نكسة جديدة  لموريتانيا. كان هناك آمال بالتغيير في 2005 بعد الاطاحة بالطاغية معاوية ولد سيدي أحمد الطائع والتي مهدت الطريق لانتخاب سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني، لكن في عام 2008 قام عبد العزيز و بعض العسكريين  بتنظيم انقلاب على النظام الحاكم انذاك، و الوضع لا يزال يتدهور منذ تلك النكسة. فمثلاً، بعد انقلاب 2008  أُستخدمت موارد الدولة وسطوة الجيش بشكل واضح من أجل ضمان وصول عبد العزيز الى سدة الرئاسة،

و قامت غالبية المعارضة  بمقاطعة الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني 2013  بعد أن فقدت الثقة في أي عملية سياسية  في ظل الحكم الحالي.

البرلمان ومؤسسة الرئاسة اليوم مشكوك في شرعيتهما. بالاضافة الى ذلك، فان الوضع الحالي مرجح للمزيد من الاحتقان خاصة مع تزايد المطالب الشعبية وارتفاع نسب البطالة (31% حسب احصاءات مستقلة ) والفقر رغم ما تحتويه البلاد من موارد طبيعية. من المرجح أن تفتح عملية التزوير الفاضحة في الانتخابات الاخيرة  المجال للمزيد من الاضطرابات في البلاد،  و يمكن اعتبارها بمثابة  المسمار الاخير في نعش التجربة الديمقراطية في موريتانيا.

منتشور في موقع فكرة